إبن عمر يختبر ورع وأمانة الراعي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 23 ديسمبر 2024
الحمد لله الحي العليم السميع البصير القادر، المتكلم بكلام قديم أزليّ هو به ناه وآمر، زين قلوب العارفين بنور هدايته فأضاء منها السرائر ن من رضي بدونه فهو الخائن الغادر، الشقي من حرمه، والسعيد من رحمه، والطريد من حجبه، والقريب من جذبه، والنادم من أهانه والسالم من أعانه، وقد علم الوليّ والعدو والرابح والخاسر، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير، سبحانه أوضح الدلالة وبين، وحبب الإيمان إلي المؤمنين وزيّن، وطبع على قلوب الجاحدين فهم يجادلون في الحق بعد ما تبين، أنا خاطيء أنا مذنب أنا عاصي هو راحم هو غافر هو كافي، قابلتهن ثلاثة بثلاثة ولتغلبن أوصافه أوصافي، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه.
ملأت بنبوته الوجود وأظهر الدين الصحيح فأسفرا، وإستبشر فرحا ببعثته الورى ومحا الضلال كما بذالك خبرا، نص الكتاب مفصلا تفصيلا فصلوا عليه وسلموا تسليما وعلي اله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته وإقتدى بهديه وإتبعهم بإحسان إلي يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ثم أما بعد إن الأمانة سبب البركة والنماء، فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” وروي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان قطريان غليظان، فكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه فقدم بز، والبز هو الثياب، من الشام لفلان اليهودي، فقلت لو بعثت إليه فإشتريت منه ثوبين إلى الميسرة.
فأرسل إليه فقال قد علمت ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب قد علم أني من أتقاهم لله وآداهم للأمانة رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب صحيح، فإذا ذهبت الأمانة وكانت الخيانة فقد ذهبت البركة فقد أخرج أبو داود بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، قال الله تعالى “أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما” وكما أن الأمانة سبب للرزق والسعادة في الدنيا، فعن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنه قال “خرج عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في بعض نواحي المدينة، ومعه أصحاب له ووضعوا السفرة له، فمرّ بهم راعي غنم، فسلم، فقال ابن عمر هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة، فقال له إني صائم.
فقال ابن عمر أتصوم في مثل هذا اليوم الحار الشديد سمومه وأنت في هذه الحال ترعى الغنم؟ فقال والله إني أبادر أيامي الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد أن يختبر ورعه وأمانته، فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها ما تفطر عليه؟ قال إنها ليست لي بغنم، إنها غنم سيدي، فقال له ابن عمر فما يفعل سيدك إذا فقدها؟ فولّى الراعي عنه، وهو يرفع أصبعه إلى السماء، وهو يقول فأين الله؟ قال فجعل ابن عمر يردد قول الراعي، يقول قال الراعي أين الله؟ قال فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه، فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتق الراعي ووهب له الغنم ” فاللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أعلنا وما أسررنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.