المقالات

إخافة السبيل و أخذ المال

جريدة موطنى

 إخافة السبيل وأخذ المال

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي اصطفى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من سائر بني الإنسان، وجعل فيه الأسوة والقدوة في سائر الأزمان، وفرض علينا محبته، وجعلها شرطا في صحة الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، صلى عليه وعلى أصحابه وسلم تسليما كثيرا، فعليكم بولاية الله أيها الناس، ولكن من أولياء الله؟ وما صفاتهم؟ وهل يجوز أن نحكم لمعيّن بالولاية؟ ولو قدر أنّا عرفنا أن فلانا من أولياء الله فهل لنا أن نرفعه فوق منزلته التي أنزله الله تعالي إياها؟ وهل يجوز له هو أن يخالف ما جاء به النبي ؟ فتلكم أمور من العقيدة عظيمة، وهي لبّس الشيطان فيها على عامة الناس، واستغل جهلهم بها لإضلالهم عن الحق، فتعلقوا بأناس وسموهم الأولياء، وعبدوهم من دون الله عز وجل.

واستغل أقوام ممن لا يرجون لله وقارا هذا الأمر، وادعوا الولاية ليأكلوا أموال الناس بالباطل ظلما وعدوانا، وهم في الواقع من أجهل الناس بعبادة الله تعالي وأضعفهم توحيدا، فضلا عن أن يكونوا من أوليائه، وإن إخافة السبيل وأخذ المال يوجبان قطع اليد والرجل لإخافته لهم وأذيتهم في حياتهم وطرائق أحوالهم، فهذه العقوبة الشديدة تردعهم، ومن يحاول في المستقبل أن يقترف مثلهم من الآثام والمحارم المتعلقة بحقوق الناس، فكلما تغلظت العقوبة وطبقت في الحال ولم تتأخر كان فعلها في غيرهم أبلغ، وإن المفسدون مع إفسادهم يكرهون الناصحين، ويعيبون على غيرهم ما يعاب عليهم، وقد أصمهم الهوى والطغيان عن مجرد الالتفات للناصحين، فضلا عن سماع المخلصين، وربما بلغ بهم الأمر أن لبسوا الناصحين بالفساد والإفساد.

ولكن الله عالم السر وأخفى، وعباد الله يميزون الخبيث من الطيب، والمجتمعات الواعية هي التي تقبل النصح، وفي تاريخنا، ولقد كان النهي عن الفساد وظيفة مهمة للرسل عليهم الصلاة والسلام فنبى الله صالح عليه السلام قال لقومه، كما جاء فى سورة الأعراف ” فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مسرفين” ونبى الله شعيب عليه السلام قال لقومه كما جاء فى سورة هود ” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين ” ونبى الله لوط عليه السلام قال لقومه كما جاء فى سورة العنكبوت ” رب انصرنى على القوم المفسدين ” وهكذا حارب المرسلون الفساد، وهتكوا أستار المفسدين، وكان الناهون عن الفساد بقية من القرون يستحقون الإشادة والفضل، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة هود. 

” فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم “وإن المفسدون لهم اللعنة ولهم سوء الدار، وأهل الفساد يزدادون عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون، ولا يستوي بحال أهل الإصلاح وأهل الإفساد، فقال الله تعالى فى سورة ص ” أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الأرض ” وإن المنافقون غارقون في الفساد، مزيفون للحقائق، ليسوا أصحاب فساد فحسب، بل يلبّسون على الناس، ويظهرون باسم الإصلاح، فتتعدد صور الفساد، فهناك فساد في القيم، وآخر في الذمم، وهناك فساد فردي وجماعي، فساد على مستوى الكبار والصغار، وهناك فساد ظاهر وباطن، وهناك فساد ذكوري وأنثوي، وهكذا تتنوع صور الفساد، ومهما وضعت هيئات لمكافحة الفساد.

أو وجدت رقابة على المفسدين، فيبقى حياة الضمائر، والخوف من الجليل، وكره الفساد والمفسدين، والجرأة في إنكار الفساد، ومحاصرة المفسدين، والوعي بحجم الفساد وأثر المفسدين هي الضمانات الأقوى لمحاربة هذا الداء العضال، وخنوس المفسدين.

إخافة السبيل و أخذ المال 

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار