إستعداد الإنسان للقاء الله بالعمل الصالح
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، لا مانع لما أعطاه ولا رادّ لما قضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله ومصطفاه صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضيلة الصبر والصابرين، وأن الصبر أنواع كثيرة، منها الصبر على الطاعة، فالمسلم يصبر على الطاعات لأنها تحتاج إلى جهد وعزيمة لتأديتها، وأيضا الصبر عن المعصية، حيث أن المسلم يقاوم المغريات التي تزين له المعصية، وهذا يحتاج إلى صبر عظيم، وكما أن من أنواع الصبر هو الصبر على المصائب، فالمسلم يصبر على ما يصيبه في ماله أو نفسه أوأهله وقال الإمام علي رضي الله عنه، إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور لك أجر وثواب.
وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور، أي عليك وزر وذنب، وكما أن من أنواع الصبر هو الصبر على أذى الناس، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ” ولقد كان من كريم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطف إليهم ويتودد إليهم ، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقق اسم السيدة عائشة رضي الله عنها كأن يقول لها ” يا عائش ” ويقول لها ” يا حميراء ” ويكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها ” يا ابنة الصديق ” وما ذلك إلا توددا وتقربا وتلطفا إليها وإحتراما وتقديرا لأهلها، وكما كان عدله صلى الله عليه وسلم وإقامته شرع الله تعالى ولو على أقرب الأقربين.
وكان صلى الله خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام، حيث قال صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ” رواه الترمذي، وإنه ينبغي علي الإنسان أن يستعد للقاء الله بالعمل الصالح في الحياة الدنيا، فقد قال تعالى “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة” وقال سبحانه وتعالى “وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا” وأما عن السعادة الأخروية فهى السعادة التي تتصف بالكمال والديمومة والخلود، وهي ما يجنيه المرء جراء عمله الصالح في حياته الدنيا، وفيها يقول تعالى “الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون” كما يقول تعالى “للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين”
وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أن لسعادة العبد ثلاثة مقومات “إذا أنعم عليه شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر” وقال سفيان الثوري رحمه الله “ما بقي لي من نعيم الدنيا إلا ثلاث، أخ ثقة في الله أكتسب من صحبته خيرا، إن رآني زائغا قومني أو مستقيما رغبني، ورزق واسع حلال ليست لله علي فيه تبعة، ولا لمخلوق علي فيه منة، وصلاة في جماعة أكفى سهوها وأرزق أجرها” وإن الأسباب التي تحصل بها الحياة الطيبة، ويتم بها السرور والابتهاج، ويزول عنها الهم والغم كثيرة، ومن أهمها هو الإيمان والعمل الصالح، فأهل الإيمان يتلقون ما يسرهم بالقبول لها وشكر الله عليها، واستعمالها فيما ينفع، وبالتالي يحصل لهم الابتهاج بها والسرور، ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالصبر الجميل، واحتساب الأجر والثواب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له” رواه مسلم، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعال
ى لي ولكم.

