بقلم / محمـــد الدكـــروري
اجبروا خواطر من حولكم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، أما بعد إن من مظاهر
التيسير في العبادات هو ﺍﻟﺼﻮﻡ فإنه ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ولا ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺴﻨﺔ ولا ﺭﺑﻊ ﺍﻟﺴﻨﺔ،
ﺑﻞ إنه ﺷﻬﺮ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ اثني ﻋﺸﺮ شهرا، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻣﻴﺴﺮ، ﺇﺫﺍ ﻣﺮﺿﺖ ﻓﺄﻓﻄﺮ،
ﻭﺇﺫﺍ ﺳﺎﻓﺮﺕ ﻓﺄﻓﻄﺮ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ لا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺩﻫﺮﻙ ﻓﺄﻃﻌﻢ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ
مسكينا، وأيضا اﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺞ فهو أيضا ﻣﻴﺴﺮ، فإنه ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ غنيا ﺑﻤﺎﻟﻪ
ﺃﻧﺎﺏ ﻣﻦ ﻳﺤﺞ ﻋﻨﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﺮ ﻏﻨﻲ ﺑﻤﺎﻟﻪ ولا ﺑﺪﻧﻪ ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺤﺞ، ﻓﺎﻟﺤﺎﺻﻞ
ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﺴﺮ، فهو ﻳﺴﺮ ﻓﻲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ، ﻭﻳﺴﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻃﺮﺃ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻴﺴﻴﺮ، حيث ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلي الله عليه وسلم ﻟﻌﻤﺮﺍﻥ ﺑﻦ ﺣﺼﻴﻦ.
” صلي قائما، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ فقاعدا، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﻓﻌﻠﻰ ﺟﻨﺐ” ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ ﻳﺴﺮ،
حيث ﻗﺎﻝ رسول الله صلى الله عليه وسلم “ﻭﻟﻦ ﻳﺸﺎﺩ ﺃﺣﺪ الدين ﺇلا ﻏﻠﺒﻪ” ﻳﻌﻨﻲ
ﻟﻦ ﻳﻄﻠﺐ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺘﺸﺪﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺇلا ﻏﻠﺐ ﻭﻫﺰﻡ، ﻭﻛﻞ ﻭﻣﻞ ﻭﺗﻌﺐ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺤﺴﺮ ﻓﺘﺮﻙ،
وإﻧﻚ ﺇﺫﺍ ﺷﺪﺩﺕ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﻃﻠﺒﺖ ﺍﻟﺸﺪﺓ، ﻓﺴﻮﻑ ﻳﻐﻠﺒﻚ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺳﻮﻑ ﺗﻬﻠﻚ
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلي الله عليه وسلم ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ “ﻫﻠﻚ ﺍﻟﻤﺘﻨﻄﻌﻮﻥ”
ﺛﻢ ﻗﺎﻝ صلي الله عليه وسلم “ﻓﺴﺪﺩﻭﺍ ﻭﻗﺎﺭﺑﻮﺍ وأﺑﺸﺮﻭﺍ” ومعني ﺳﺪﺩ ﺃﻱ ﺍﻓﻌﻞ ﺍﻟﺸﻲﺀ
ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﺪﺍﺩ ﻭالإﺻﺎﺑﺔ ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺘﻴﺴﺮ ﻓﻘﺎﺭﺏ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ صلي الله عليه وسلم
“وﻗﺎﺭﺑﻮﺍ” ﻭﺍﻟﻮﺍﻭ ﻫﻨﺎ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻭ، وﻳﻌﻨﻲ ﺳﺪﺩﻭﺍ ﺇﻥ ﺃﻣﻜﻦ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﺎﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺔ “
ﻭأﺑﺸﺮﻭﺍ” يعني أﺑﺸﺮﻭﺍ ﺃﻧﻜﻢ ﺇﺫﺍ ﺳﺪﺩﺗﻢ ﺃﺻﺒﺘﻢ ﺃﻭ ﻗﺎﺭﺑﺘﻢ فأﺑﺸﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﺠﺰﻳﻞ
ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﻌﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلي الله عليه وسلم كثيرا، وﻳﺒﺸﺮ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺮﻫﻢ
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻨﺒﻐﻲ للإنسان ﺃﻥ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ، ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﺭﺓ
ﻭﺍﻟﺒﺸﺎﺷﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، وعليكم بعبادة جبر الخواطر، فيعمل جبر الخواطر على البهجة
والسرور في قلب أخيك المؤمن فصافحه وعانقه وشاركه في الحزن والفرح وليكن
للأهل نصيب من جبر الخواطر، وخاصة الوالدين والزوجة والأولاد وتذكروا أنها عبادة
عظيمة أمرنا الله بها وإن من مواقف جبر الخواطر هو عندما جبر الرسول الكريم صلي
الله عليه وسلم لخاطر الصحابة عندما كشفت الريح ساق الصحابي الجليل عبد الله ابن
مسعود رضي الله عنه، فضحك الصحابة عليه فجبر رسول الله صلي الله عليه وسلم
بخاطره وأعلى من شأنه فقال والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد “