ارتفاع كبير في أسعار السيارات المستعملة بالمغرب
ارتفاع كبير في أسعار السيارات المستعملة بالمغرب
تقرير/ أيمن بحر
لا يكاد يمر يوم دون أن يزور يوسف منصور، شاب من مدينة الرباط، مواقع إلكترونية لبيع السيارات المستعملة بحثا عن عربة أكبر تتسع له ولأسرته التي عرفت حلول مولود جديد. بعد تصفحه لعشرات الإعلانات لاحظ بأن أسعار السيارات المستعملة عرفت ارتفاعا ملحوظا غيّر حساباته وجعل ميزانيته لا تكفي للحصول على سيارة أكبر.
يقول الشاب الذي خصص حوالي 7 آلاف دولار لتغيير سيارته أن هذا المبلغ لم يعد كافيا لشراء سيارة مستعملة بالحجم المرغوب، مؤكدا أنه سيضطر للاقتراض للحصول على مركبة تناسب حاجيات أسرته.
ويرى فاعلون في القطاع بأن سوق المركبات المستعملة عرف زيادات في الأسعار بحوالي 15 إلى 20 في المئة تُعزى أساسا إلى ندرة المخزونات وعدم توفر السيارات الجديدة.
منذ سنوات يعمل المهدي 33 سنة في تجارة السيارات المستعملة بمدينة تمارة المحاذية للعاصمة الرباط. ولا يخفي المقاول الشاب توجسه من التقلبات التي تعرفها السوق إذ أصبح الطلب يفوق العرض وهو ما تسبب على نحو مفاجئ، في ارتفاع الأسعار.
وقال المهدي في حديث إن متوسط الزيادة في الأسعار يتأرجح بين ألفين وثلاثة آلاف دولار لسيارة مستعملة بقيمة حوالي 30 ألف دولار.
وحسب المتحدث أصبحت سوق السيارات المستعملة تحتوي على عدد أقل من المركبات في ظل قلة توافر السيارات الجديدة.
من وجهة نظر بدر الزاهر الأزرق، باحث في قانون الأعمال والاقتصاد فقد سجلت السيارات المستعملة خلال السنوات القليلة الماضية تراجعا مضطردا لمبيعاتها، مقابل ارتفاع الإقبال على السيارات الجديدة، وهذا مرده إلى رفع المغرب نسب الرسوم الجمركية على السيارات المستعملة إلى نسب قياسية افقدتها أحد أهم خصائصها التنافسية وهي السعر مقابل طرح معارض السيارات الجديدة لعروض تمويلية كالقروض الميسرة ودون فائدة جعلت المستهلك المغربي يحجم نسبيا عن اقتناء السيارات المستعملة.
واستطرد الخبير قائلا: لقد وقع اختلال نسبي في سوق السيارات المستعملة خلال فترة الجائحة بعد أن أُغلقت الحدود وتراجع عدد السيارات المستعملة المعروضة للبيع، إلى جانب ارتفاع أسعار السيارات الجديدة.
وتابع في حديث أنه على الرغم من هذا الخلل إلا أن المبيعات حققت انتعاشا طفيفا بعد رفع القيود التي فرضتها الجائحة على قطاع السيارات عموما إلا أنه سرعان ما عادت نسب المبيعات الى التراجع جراء الأزمة الراهنة المرتبطة بالتضخم
إذا كان الطلب على السيارات المستعملة يعرف ارتفاعا فإن المركبات الجديدة لا تتمتع بنفس الجاذبية في الوقت الراهن.
في هذا السياق، سجلت جمعية مستوردي السيارات بالمغرب أن مبيعات السيارات الجديدة برسم شهر يونيو 2022 عرفت انخفاضا بنسبة 15,78 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، حسب آخر إحصائياتها الشهرية.
يرى بدر الزاهر الأزرق أن انخفاض مبيعات السيارات في المغرب، كان متوقعا ومنتظرا منذ مدة فالآثار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا التي خلفت اضطرابا في سلاسل التوريد وشحا في الرقائق الإلكترونية خلال السنة الماضية وبداية السنة الجارية أدت إلى تراجع العرض مقابل ارتفاع الطلب.
وهو ما أدى حسب الخبير، إلى ارتفاع أسعار السيارات في المغرب بنسب متفاوتة وحتى المركبات التي تصنع في المغرب تأثرت بهذا الأمر، فتراجعت مبيعاتها علما أنها لا تسوق بأثمان تفضيلية بحكم أنها تصنع في مناطق حرة خاضعة لنظام ضريبي خاص وعند ولوجها إلى السوق المغربية تخضع من جديد لأنظمة الضرائب المحلية الأمر الذي يساهم في ارتفاع أسعارها واستقرار تنافسيتها.
إلى جانب ذلك، يرى الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد أن الآثار الاقتصادية السلبية الناجمة عن فترة الجائحة وتلك المترتبة عن الجفاف وتضخم أسعار المحروقات وجل المواد الأساسية والخدمات جراء الحرب الأوكرانية الروسية، أدت إلى تدهور كبير في القدرة الشرائية للمواطن المغربي جعلت مسألة الحصول على سيارة يتراجع في سلم أولوياته ناهيك عن أن تضخم أسعار المحروقات جعل امتلاك سيارة أمر جد مكلف على مستوى تموينها بالبنزين والصيانة وهو ما حذا بعدد من ملاك السيارات إلى ركنها في المرائب والاستعاضة عنها بالنقل العمومي.
وخلص الأزرق إلى أن هذه الإكراهات الناجمة عن هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة هي السبب الرئيسي في تدهور مبيعات السيارات في المغرب وهو أمر يُتوقع أن يستمر على المدى المنظور، في انتظار انتعاشه اقتصادية جديدة قد تعيد مبيعات السيارات إلى سابق عهدها، وهو أمر غير منتظر في الوقت الراهن بالنظر إلى أن هناك توقعات بدخول الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود قد يكون لها وقع سلبي آخر على قطاع السيارات في المغرب والعالم.