استراحة روح وسط ضجيج الحياة
الكاتبة : ساهرة رشيد/ العراق
أحيانًا، لا نحتاج إلى أكثر من لحظة صمت نختبئ فيها من ضجيج العالم، لنعود إلى ذواتنا التي أرهقها الركض خلف التفاصيل الصغيرة. لحظة واحدة، نغلق فيها أبواب الأفكار المزعجة، ونسمح لأنفسنا بالتنفس بعمق… بصدق… دون خوف من شيء أو انتظار لشيء.
في زمنٍ تتسارع فيه الخطوات، وتتعالى فيه الأصوات، يصبح الهدوء رفاهية لا يدركها إلا من فقدها. نبحث عنها في ركنٍ بعيد، في فنجان قهوةٍ عند الغروب، أو في نظرةٍ للسماء نُسائل فيها أنفسنا: إلى أين نمضي؟ ومتى كانت آخر مرة شعرنا فيها بالسكينة؟
السلام الداخلي ليس هروبًا من الواقع، بل عودةٌ إلى التوازن. أن تتصالح مع أخطائك، وتسامح قلبك على ما عجز عن احتماله، وتُدرك أن بعض الأشياء لا تُصلَح بالجهد، بل بالاستسلام الهادئ لما كتبه الله.
في لحظة الهدوء تلك، تتكشف لك الحقائق بوضوحٍ مدهش.
تفهم أن كثرة التفكير لم تغيّر شيئًا، وأن القلق لا يمنحك حلولًا، وأن الصمت أحيانًا أبلغ من ألف حوارٍ مرهق.
لهذا، أحتاج هذه اللحظة — لا لأبتعد عن الناس، بل لأقترب من نفسي. أريد أن أستمع إلى صوتي الداخلي الذي غرق وسط ضوضاء العالم. أريده أن يهمس لي من جديد:
“ما زلتِ بخير، فقط تمهّلي.”
إن البحث عن الهدوء ليس ضعفًا، بل شجاعة من نوعٍ مختلف؛ شجاعة أن تختار نفسك وسط فوضى الحياة. ففي لحظة صادقة مع الذات، يُخلق السلام من جديد، وتُشفى الأرواح المتعبة بهدوءٍ يشبه الدعاء.

