شريط الاخبار

الآفات المعيقة عن الصبر 

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد لقد خص اللهُ عز وجل هذه الأمة بمزيّة لم تكن توجد عند باقي الأمم والديانات السابقة لها، وهي أن التكاليف الشرعية جاءت ميسرة لا مشقة فيها ولا عسر، حتى تتماشى مع الطبيعة البشرية التي من عادتها أنها تنفر من الصعوبات، وتمقت التعقيدات، وذلك بسبب ما فطرت عليه من الضعف، وهذا من رحمة الله التامة وإحسانه الشامل على عباده.

فالإنسان بطبيعته يعتريه الضعف من كل الوجوه ضعف البنية، وضعف الإرادة، وضعف العزيمة، وضعف الإيمان، وضعف الصبر، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه، ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته، وإن من الآفات المعيقة عن الصبر هو الإستعجال، حيث أن النفس موكولة بحب العاجل فقال تعالي “خلق الإنسان من عجل” فإذا أبطأ على الإنسان ما يريد نفد صبره وضاق صدره وإستعجل قطف الثمرة قبل أوانها فلا هو ظفر بثمرة طيبة ولا هو أتم المسير، ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ” فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم” أي العذاب فإن له يوما موعودا، ولقد باءت بعض الدعوات بالفشل ولم تؤتي ثمرتها المرجوة بعلة الإستعجال، ولو أنهم صبروا لكان خيرا لهم، ثار بعضهم على الطغيان.

ولما يقم على ساقه ويشتد عوده وتكتمل آلته وتنضج دعوته وتمتد قاعدته فقضي على الدعوة ووئد الداعية وذهب الإثنان في خبر كان، والحديث عن الإستعجال أطول من هذا ولكن في الإشارة للبيب ما يغني عن العبارة، وكما أن من الآفات المعيقة عن الصبر هو الغضب وقد يرى الداعية من المدعوين مالا يليق فيستفزه الغضب فيدفعه إلى مالا يحسن به مما يسيء إلى الدعوة ويلصق بجبين حاملها وصمة عار تبقى الدهر كله، ولهذا حذر الله رسوله من مغبة الغضب بأن لا يقع فيما وقع فيه يونس فقال تعالي ” فاصبر لحكم ربك، ولا تكن كصاحب الحوت” لقد فرغ صبره فضاق صدره فغادرهم غاضبا قبل أن يأذن الله تعالي له ظنا منه أن الله تعالي لن يضيق عليه فضيق الله عليه بأن جعله في بطن الحوت ” وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” فتاب الله عليه فقال تعالي ” فإستجبنا له ونجيناه من الغم”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار