“الأخلاق.. ثبات الكرام في الشدة والرخاء”
محمود سعيدبرغش
الأخلاق الفاضلة هي جوهر الإنسان، وعنوان الإيمان الصادق، ومهما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال، يبقى الإنسان ذو الأخلاق الحسنة ثابتًا عليها. فلا عذر لتبرير سوء الخلق، سواء كان بسبب ضيق الحال أو تغير المزاج، فالأخلاق الطيبة دليل كمال العقل وصدق الإيمان.
الأخلاق في القرآن الكريم
حثَّ القرآن الكريم على التحلي بالأخلاق الفاضلة، وأثنى على من يلتزم بها، فقال الله تعالى:
“وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ” [القلم: 4].
هذه شهادة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان خير مثال للأخلاق في كل أحواله، سواء في السراء أو الضراء.
كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بحسن التعامل مع الآخرين، فقال:
“وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا” [البقرة: 83].
وهذا يشمل الجميع، دون استثناء، وفي جميع الأحوال.
الأخلاق في السنة النبوية
كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في حسن الخلق، وبيَّن أن الأخلاق أساس الدين، فقال:
“إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق” [رواه أحمد].
ولم يكن صلى الله عليه وسلم يبرر سوء الخلق بأي حال، بل كان يحث على الثبات على مكارم الأخلاق، حتى في أشد الظروف.
وقد قال صلى الله عليه وسلم:
“ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” [رواه البخاري ومسلم].
فالمؤمن الحق هو من يحافظ على أخلاقه مهما كان الغضب أو الضغط الذي يتعرض له.
الأخلاق وعلاقتها بالإيمان
ربط النبي صلى الله عليه وسلم بين حسن الخلق وكمال الإيمان، فقال:
“أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا” [رواه الترمذي].
فالأخلاق ليست خيارًا للمؤمن، بل هي جزء من إيمانه، ولا يبرر التخلي عنها سوء الظروف أو الأحوال.
الكرام يثبتون في الشدائد
إن الكرام، مهما ضاقت بهم الحياة، يبقون متمسكين بأخلاقهم. قال الشاعر:
إنّ الكرامَ وإن ضاقت معيشَتُهُمُ
دامتْ فضيلتُهُم والأصلُ غلّابُ.
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأخلاق تظهر في المحن، فقال:
“إنما الناس كالإبل المئة، لا تكاد تجد فيها راحلة” [رواه البخاري ومسلم].
أي أن القليل فقط هم من يتحلون بالصبر والثبات على الأخلاق في جميع الأحوال.
عواقب سوء الخلق
1. البعد عن الله:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون” [رواه الترمذي].
سوء الخلق يبعد الإنسان عن الله وعن الناس.
2. نقص الإيمان:
الأخلاق السيئة دليل على ضعف الإيمان، فلا يمكن أن يجتمع الإيمان الكامل مع سوء الخلق.
3. الضرر بالمجتمع:
انتشار سوء الخلق يسبب تفكك العلاقات، وزيادة الحقد والبغضاء بين الناس.
دعوة إلى التمسك بالأخلاق
علينا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق، وأن نحاسب أنفسنا في كل موقف، فلا نبرر أبدًا أي تصرف سيئ مهما كانت الظروف. قال الله تعالى:
“فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ” [الحجر: 85].
والصفح الجميل دليل على كمال الأخلاق.
الخاتمة
الأخلاق جوهر الإنسان، وثباتها دليل على أصالة النفس وسلامة القلب. فلا عذر لتبرير سوء الخلق، فالظروف الصعبة لا تغير معدنه، بل تزيده تألقًا وثباتًا. فلنتحلَّ بحسن الخلق في كل حال، سائلين الله أن يرزقنا مكارم الأخلاق.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.