الرئيسيةثقافةالأساطير تعود لتروي مأساة بابل الجافة
ثقافة

الأساطير تعود لتروي مأساة بابل الجافة

الأساطير تعود لتروي مأساة بابل الجافة


ساهرة رشيد / العراق

رحلة د. منتصر الحسناوي تكشف آثار الجفاف وتغيّر المناخ في المدينة الأثرية

وصف الكاتب د. منتصر الحسناوي رحلته الميدانية إلى مدينة بابل الأثرية، التي رافق خلالها فريقًا من وكالة رويترز العالمية، بأنها تجربة كشفت عن ملامح الجفاف والتغيّر المناخي الذي بدأ يهدد آثار المدينة التاريخية، ويعيد أساطيرها القديمة إلى الواجهة.
وقال الحسناوي إنّ مشاهد الجولة أظهرت تغيّر ملامح المكان بفعل المناخ القاسي، إذ بدت المعالم الأثرية صامتة بعدما كانت المياه تروي سواقيها منذ آلاف السنين، مضيفًا أن “بابل اليوم تعيش صمتًا يشبه صمت الأساطير التي وُلدت من طينها”.

المسرح البابلي بين الرياح والدعايات

رصد الحسناوي في مستهل جولته المسرح البابلي وقد غطّت أوراق الدعايات الانتخابية أرضيته بعد فعالية أُقيمت فيه، مشيرًا إلى أنّ الرياح كانت ترفع الأوراق كما لو أنها تعيد تمثيل مشهدٍ من زمنٍ آخر.
وقال: “تغيّر جمهور المسرح وتبدّلت لغته، لكن الفكرة بقيت واحدة؛ كل العصور تبحث عن منبرٍ لأحلامها”.

بوابة عشتار تحافظ على هيبتها
أشار الحسناوي إلى أنّ بوابة عشتار ما زالت تحافظ على هيبتها رغم فقدان لونها الأزرق الأصلي، فيما بقي الجزء المزجّج المحفوظ في برلين شاهدًا على عظمة الحضارة البابلية.

الطريق الملكي… كفّ عجوز نسي المطر

تحدّث الحسناوي عن الطريق الملكي الذي يعود تاريخه إلى أكثر من ألفين وخمسمئة عام، موضحًا أنه ما زال صامدًا رغم تصدّعاته، ووصفه بأنه “كفّ عجوزٍ نسي المطر”، في دلالة على الجفاف وتغيّر طبيعة الأرض.

بئر الأسطورة.. عين أنهكها الانتظار

أشار الحسناوي إلى أنّ بئر الأسطورة المرتبطة بحكاية “هاروت وماروت” بدت خالية من الماء ومحاطة بحجارةٍ متشققة، واصفًا إياها بأنها “عينٌ أنهكها الانتظار حتى عجزت عن البكاء”.

أسد بابل يستجدي المطر بصموده

رصد الكاتب حال تمثال أسد بابل، الذي يقف شامخًا رغم تصدّع قاعدته وتشقّق الأرض من حوله، وقال إنّ النباتات القريبة منه “تستجدي المطر بأوراقٍ عطشى”، مؤكّدًا أنّ الجفاف لم يضرب الأرض وحدها، بل امتدّ إلى ذاكرة الزمن.

قصور بابل تتآكل بصمت الزمن

في القصور المنقّبة جزئياً، لاحظ الحسناوي أنّ الجدران بدأت تتآكل بفعل التملّح والحرارة، فيما يتقشّر الطين عنها “مثل جلدٍ قديمٍ تخلّى عن صاحبه”.

الأساطير تعود لتروي مأساة الجفاف

أكد الحسناوي أنّ هذه المشاهد تختصر معاناة المدينة مع تغيّرات المناخ التي تهدّد تاريخها الممتد منذ آلاف السنين، مختتمًا بالقول:

“نهاية الإمبراطوريات لا تكون بالحروب، بل حين يجفّ الماء في عروقها؛ فها هي الأساطير القديمة تعود لتروي مأساة مدينةٍ كانت يومًا أرض الطوفان، وأصبحت اليوم أرض الجفاف.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *