الأماني في أهل الجنة مدركة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأصلي وأسلم وأبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن إهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد، اعلموا يرحمكم الله أن الأماني في أهل الجنة مدركة تنال بإذن الله عز وجل ورحمته، وهذا واحد من أهل الجنة كما يخبر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم يستأذن ربه في الزرع يريد أن يزرع في الجنة، فيأذن له، فما يكاد يلقي البذر حتى يضرب بجذوره الأرض، ثم ينمو ويكتمل وينضج في نفس الوقت، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحدث وعنده رجل من أهل البادية ” إن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له ألست فيما شئت؟
يعني ما شئت من النعيم وألوان الراحة، قال بلى، ولكن أحب الزرع، فبذر، فبادر طرف نباته، يعني نموه أسرع من النظر واستواءه واستحصاده، فكان أمثال الجبال، فيقول الله تعالى دونك يا ابن آدم، فإنك لا يشبعك شيء، فقال الأعرابي الذي كان جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الحديث والله لا تجده إلا قرشيا أو أنصاريا، فإنهم أصحاب زرعٍ يا رسول الله وأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم” وكما أن في الجنة حور عين، فقد تكون عازبا لم توفق إلى الزواج بسبب قلة مالك، أو كثرة مسئوليتك تجاه أهلك أو إخوانك، أو لأنك لم تجد فتاة مناسبة، أو لأنك تخطب فلا تزوج، أو لأمرٍ من الأمور، أو تشكو من زوجة قد كدرت حياتك، فتعلق بنعيمٍ فيه من الحور ما كمل الله فيه نعيم أهل الجنة، ولكن الأمر في الجنة مختلف تماما.
فالحور أجمل ما تشتهيه الأنفس، وتلذ به الأعين، ويطمئن إليه القلب بعد النظر إلى وجه الله الكريم، فيا عباد الله أعدوا للموت واتقوا الله تعالي فما أقسى هذه القلوب التي نحملها في صدورنا، وما أجمد هذه العيون التي هي في رءوسنا وما أبعد هذه القلوب حال الغفلة عن ذكر ربها وخالقها، فيا عباد الله قفوا وتأملوا حال هذه النفوس، حال هذه القلوب المريضة التي تعودت اللهو والعبث والغفلة، وطيب المأكل والمشرب حتى قست وبعدت عن طاعة الله تعالي، وبعدت عن ذكر المصير، والإستعداد للقاء الله عز وجل، فيا أيها المسلمون ما منا إلا وغافل، وما فينا إلا وسادر، وما من بيننا إلا وأشغلته شهواته عن الإستعداد للقاء ربه، فمتى نستيقظ؟ ومتى نستعد؟ ومتى نقف للمحاسبة؟ يوم أن نرى ميتا أمام أعيننا، يوم أن نرى حادثا يتمزق فيه بدن أمام بصائرنا وأبصارنا، يوم أن نصاب بفقد حبيب.
ثم نبكي عليه سويعات حتى نواريه في التراب ثم ننساه، يوم أن يبتلى أحدنا ببلية في ماله أو دنياه يقف لحظة ليتأمل، ثم يعود في لحظات إلى غفلته، فإن في النفوس قنديلا يضيء، لكن ضوءه ضعيف جدا بما يزاحمه من حجب المعاصي، بما يستر نوره من ألوان الشهوات، ويوم أن نقف وقفة نتأمل فيها مصيبة، أو نتذكر فيها معادا يبقى أحدنا مترددا بين التوبة والغفلة، يشاور نفسه هل يتوب أم لا يتوب، هل يستقيم أم لا يستقيم، هل يقلع أم لا يقلع، هل يخبت ويخضع أم لا يخضع، فهل تحتاج التوبة إلى مشورة؟ وهل تحتاج الأوبة إلى تردد وأخذ رأي؟ فلا مناص من الاستجابة، ولا محيد عن القبول والانقياد فيا ايها الذين آمنوا ألستم بالمؤمنين؟ ألستم تدعون الإيمان؟ ألسنا ندعي الإيمان، الخطاب لكم حيث يقول الله تعالي ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه “