المقالات

الإعجاب المذموم بالمربي والموجه 

الإعجاب المذموم بالمربي والموجه 

الإعجاب المذموم بالمربي والموجه 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الخميس الموافق 2 يناير 2025

الإعجاب المذموم بالمربي والموجه

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون وبعد إن من عرف من نفسه قصورا، فقد سار في سبيل تربية النفس، ومما يدعونا إلى تربية أنفسنا وإلى السير في تلكم السبيل سيرا حثيثا فليست هذه المعرفة صارفة عن تربية المرء لنفسه، وإن من توفيق الله تعالي للعبد سعيه للتغير والتطوير كما قال تعالى ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” فمن غيّر لله غيّر الله له فأفيق قبل أن تدخل عليك المعصية بمسمي أنت لها جاهل، وأفيق ولا تظن أنه حب، بل هو داء فتاك يفسد الجوارح والقلب ويفسد العيش والمعيشة. 

 

وأما عن الإعجاب المذموم بالمربي والموجه، له مظاهر سلوكية كثيرة منها الطاعة المفرطة وهي الطاعة العمياء للمربي في خطئه، نعم تقول أنا خدوم وأخدم المسلمين ولكن لماذا فلان دون الناس جميعا؟ والأعمال بالنيات وصدق من قال إن هواك الذي بقلبي صيرني سامعا مطيعا، وكما أن من المظاهر السلوكية في الإسراف في العواطف الإنسانية، هو ترك الواجبات من أجل هذا المحبوب وتقديم مصالح مربيه الدنيوية على مصالح والديه وأهل بيته، كترك الدروس والخروج معه أو ترك الأعمال المنزلية من أجل الحديث الطويل معه على الهاتف وغيرها من الواجبات المضيعة، ولا شك أن الشعور والإهتمام بإحساس إخوانك مطلوب لكن لا تفرّط فلا تترك الواجب لأقل منه، وأيضا ترك الإلتزام بعد موت المربي أو سفره أو سجنه أو غيابه.

 

أو ترك العمل لهذا الدين بابتعاد المربي عنه، أو عدم الصبر على مفارقته، وكذلك مقابلة أقوال المربي غير الصائبة بأقوال من تأخذ الأمة الفتوى عنهم، والتساهل في الكثير من الأخطاء بحجة أن المربي يعملها، وتعظيم المربي ومدحه وإطراؤه والثناء عليه إلى درجة الغلو، والتسويغ الكثير لأخطاء المربي، وعدم قبول أن المربي قد يخطئ بل يجعل دائما هو المصيب بلسان الحال أو المقال، وعدم مناقشة المربي في بعض القضايا التربوية التي لم يفهمها المتربي بحجة أن مربيه قد يغضب عليه عندما يناقشه، وعدم الوضوح في كثير من قضاياه وأموره بحجة أن المربي ربما يتغير تجاهه، وكذلك التخفي في عمل بعض الأمور التي لا تنبغي فضلا عن المعاصي بحجة أن المربي يغضب عليه وتتغير نظرته له، وكذلك التحرج من أن يعرف المربي أموره الخاصة.

 

حتى لا تتغير نظرته له وكذلك العكس ربما يريد أن يعرف المربي كل أسراره وأعماله، وأيضا نصرة مربيه عند الآخرين حتى في خطئه، وكذلك تقليد المربي في بعض الصفات المذمومة سواء عشوائية أو تهور، أو عجلة فوضوية، والإنصدام بواقع المربي إذا حصل منه خطأ مما يسبب له النكوص، فيجعل زلة المربي سببا في الإبتعاد عن الحق، وكان الإمام سفيان بن عيينة يطلق على مثل هؤلاء الذين يجعلون زلات القدوات والمربين سببا للابتعاد عن الحق صفة الحماقة، فقد لاحظ أحدهم منه خشونة وشدة على طلبته فتجرأ وسأله إن قوما يأتونك من أقطار الأرض، تغضب عليهم، يوشك أن يذهبوا ويتركوك، فرد عليه هم حمقى إذن مثلك أن يتركوا ما ينفعهم لسوء خلقي. 

 

فأراد سفيان أن يفهم السائل القاعدة التي هي التعلق بالحق وترك التعلق بالأفراد، فالمربي والقدوة لا يعني أنه هو الحق وهو الدعوة، وفرق أن يوجد عيب أو زلل في المربي أو أن يوجد الزلل والخطأ في الحق.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار