الانتخابات. بين حماس الشعب وأسئلة النزاهة والحصانة
رضوان شبيب
في أجواء الانتخابات البرلمانية الحالية، يتجلى حماس الشعب المصري في صورة حرب انتخابية شريفة بين أطياف المجتمع، حيث يتزاحم الناخبون لدعم مرشحهم المفضل. هذا التنافس الإيجابي يعكس روحاً جميلة من الالتزام بالقانون والاحترام المتبادل، حيث يعتبر الجميع – المرشحون والمراقبون و الناخبون – فوق الشبهات، ويقدر الجميع على قدم المساواة. إنها صورة رائعة تجسد الديمقراطية الحقيقية، وتثبت أن الانتخابات ليست مجرد صراع، بل احتفاء بالإرادة الشعبية.
ومع ذلك، يبرز تساؤل مشروع يدور في أذهان الكثيرين: من هي هذه المرشحين الذين يحظون بكل هذا الزحام؟ هل يعرف الناخبون سيرتهم الذاتية، أم أنهم يتبعون المندوبين أو الإعلانات الانتخابية فقط؟ مع كامل الاحترام لكل أم وأخت وابنة تساهم في هذا الحماس، يظل السؤال قائماً: ما علاقة الرقص أمام اللجان الانتخابية بهذا السياق؟ إن الرقص الذي يقدم بطريقة قد تُهين كرامة المرأة – تلك المرأة التي نتحدث دائماً عن تكريمها وحمايتها وحقوقها – يثير الاستغراب. هل هذا جزء من الاحتفال الانتخابي، أم أنه يعكس تناقضاً في قيمنا الاجتماعية؟ ربما يكون هؤلاء الراقصون قريبين أو أجراء للسيد المرشح، لكن النزاهة تتطلب أن نركز على البرامج لا على العروض الجانبية.
وفي سياق آخر، تبرز قضية المبالغ الطائلة التي تنفق في الحملات الانتخابية، والتي قد تصل إلى الملايين. هل هذا الإنفاق يعكس عشقاً حقيقياً للوطن والمواطن، أم أنه وسيلة لشراء التأييد؟ كيف يجتمع مرشحون في سن الشباب أو الوسط – بأفكارهم العظيمة – هذه المبالغ الضخمة؟ هل هي درس للمواطن في كسب المال، أم أنها تشير إلى مصادر غامضة؟ هذه الأسئلة ليست هجوماً، بل دعوة للشفافية التي يفرضها القانون الانتخابي.
أما الحصانة البرلمانية، فهي النقطة الأكثر إثارة للجدل. إذا ألغت الحصانة خارج المجلس، هل سيرشح المرشح نفسه مرة أخرى، أم ينسحب؟ يبدو أن الحصانة أحياناً تفضل على خدمة المواطن نفسه، الذي يعامل كـ”مكسور الجناح” أو “مريض في الإسعاف”. الكلام الرسمي عن الخدمة يجب أن يقابل بأفعال، لا بوعود تنسى بعد الانتخابات. عجيب أمرنا نحن المصريين: نرشح أنفسنا من أجل المواطن، ثم نفقد أثره بعد الفوز.
مع ذلك، يجب الإشادة بشخصيات نادرة دخلت المجال السياسي وتركت أثراً إيجابياً في قلوب المواطنين. هؤلاء الأعضاء الذين يجلس الجموع للاستماع إليهم، ويدعى نجاحهم، هم النموذج الحقيقي. كل التحية والتقدير لهم، فهم باقون في ذاكرة الشعب كرموز للخدمة الصادقة.
في الختام، الانتخابات فرصة للتجديد، لكنها تتطلب نزاهة وشفافية تعيد الثقة إلى المواطن. فليكن الاختيار مبنياً على البرامج والسيرة، لا على الزخم العابر. بهذا، نضمن مستقبلاً يخدم الجميع، وفقاً لقانون و دستورنا.
الانتخابات. بين حماس الشعب وأسئلة النزاهة والحصانة

