البدع في شهر رجب
البدع في شهر رجب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 29 ديسمبر 2024
البدع في شهر رجب
الحمد لله الكبير المتعال أحمده على كل حال وأشهد أن لا إله إلا الله ذو الفضل والنوال وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله عظيم الخلال والخصال صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله خير صحب وآل والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل أما بعد إن الحب والوفاء والود والإخاء حقيقة وجدانية، بل أمر فطري جبلت عليه النفوس البشرية لا بل هو من الإيمان إن كان خالصا للرحمن، فالأخوة الحقة والمحبة الصادقة تولد في النفس أصدق العواطف النبيلة وأخلص المشاعر الصادقة بلا تلفيق إعتذارات ولا تنميق عبارات بل صدق في الحديث والمعاملة والنصح، يمسك الأخ بيد أخيه في رفق وحنو وشفقة، بر وصلة ووفاء، إيثار وعون في الشدة والرخاء فلا ينساه من الدعاء وكل ذلك دون تكلف أو شعور بالمشقة والعناء بل في أريحية وحسن أداء.
وطلب الأجر من رب الأرض والسماء، فهو أيد تتصافح وقلوب تتآلف، وأرواح تتفادى ورؤوس تتعانق وحقيقة الأخوة في الله لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء فقال صلى الله عليه وسلم ” ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، وذكر منهن أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله” رواه البخاري، والإنسان بلا ذلك كله جلمود صخر لا يستطيع الحياة مع الناس ومخالطتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، ولقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رجب المحرم، وأما عن حُكم الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج والإجتماع لها؟ فإن حادثة الإسراء والمعراج معروفة ومشهورة، وقد ذكرها الله تعالى في كتابه، وذكرها النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته، وأجمع على وقوعها العلماء.
ومع هذا لم يرد الإحتفال بها والإجتماع لها لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا عن تلامذتهم من التابعين، ولا عن أحد من أهل القرون الأولى، ولا عن أحد من الأئمة الأوائل كالإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وغيرهم، بل هذا الإحتفال والإجتماع عند جميعهم متروك ومهجور ليس بمعمول به ولا معروف، ولا ريب أن هذا الترك للإحتفال والإجتماع من هؤلاء وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفي كل عاقل حريص على دينه في أن لا يكون من المحتفلين والمجتمعين، ولا من الداعين إلى هذا الإحتفال والإجتماع، ولا من المباركين به، ولا من الداعمين بمال وطعام وشراب ومكان لأهله، ويكفيه أيضا في إبطاله والإنكار على أهله، أو على من يسهل فعلهم، ويهون من شأنه، إذ لو كان هذا الإحتفال والإجتماع من الخير والهدى.
والرشد والصلاح، وزيادة الدين وقوته، لما تركه أشد الناس تعظيما وانقيادا لله ورسوله وشرعه، ألا وهم أهل القرون الثلاثة الأولى الذين صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأنهم ” خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” ومن لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة الإسلام الماضين من الترك لهذا الإحتفال والإجتماع وغيره من البدع في شهر رجب فلا يضر إلا نفسه، هذا وصلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبد الله حيث أمركم بذلك ربكم جل في علاه، فاللهم صل وسلم على من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وارض اللهم عن صحابته أجمعين وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.