الدكروري يكتب عن التأييد الإلهى للحق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن هذا القرآن الكريم لا يمكن أن يكون من تأليف بشر، وقد حاول البشر فى كل العصور السابقة واللاحقة الإتيان بمثله، وجرت محاولات، حتى من بعض نصارى العرب الذين كانوا متضلعين باللغة العربية، حاولوا، وما استطاعوا، وهنا يقول الله تعالى كما جاء فى سورة يونس ” قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ” ومن التأييد الإلهى للحق تأييده بالدعاة المخلصين، فكما أيدّه بالرسل الصادقين، والكتب المنزلة، أيدّه بالدعاة المخلصين، والله يقيض للحق مَن يقوم به، ويدعوا إليه، وينصره، ويدافع عنه، وهذا من رحمة الله عز وجل، ولوا انطمس، فهو القائل سبحانه وتعالى فى سورة الأحزاب ” ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ”
وأيضا نلاحظ كذلك قصة مؤمن آل يس كما وصفها لنا الله عز وجل فى سورة يس ” وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون، ومالى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون، أأتخذ من دونه ألهة إن يردن الرحمن بضر لا تغنى عنى شفاعتهم شيئا ولا ينقذون، إنى إذا لفى ضلال مبين، إنى آمنت بربكم فاسمعون” وكذلك فى قصة مؤمن آل فرعون، كما قال الله تعالى فى سورة غافر” وقال رجل مؤمن من آل فرعون ” إلى قوله تعالى ” وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم ” أنتم يا قومي، فكذلك يا أيها القبط، ليس عندكم رسالة، والذى يتبعها يدخل الجنة؟ والذي لا يتبعها يدخل النار؟ ليس عندكم، أنتم أصحاب دنيا، فجاء رجل وقال أنا رسول من الله.
” واتبعون أهدكم سبيل الرشاد ” إذا اتبعتمونى تدخلون الجنة وإذا لم تتبعتموني فستدخلون النار، يا قوم هذا الرجل يقول ” ربى الله وقد حاءكم بالبينات من ربكم ” يعنى معه أدلة ما هو كلام بالادعاء فقط ” وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم ” وإننا نلاحظ أيضا أن التأييد الإلهى كان حاضرا موجودا في التحركات النبوية، حتى مع الأخذ بجميع الأسباب، مثلا أنه كم أخذ النبى صلى الله عليه وسلم سببا في الهجرة؟ وتواعد مع أبي بكر الصديق رضى الله عنه سرا، وأخفي الأمر عن كثير من أهله، والتقيا في وقت القيلولة، وهدأت الرجل، وخرجا في هذا الوقت، واستعملا هاديا خرّيتا خبير بالطريق، وسلك غير الطريق المعتاد، يعنى ليس على طريق مكة المدينة مباشرة.
وصار في اختباء في الغار، وصار هناك مَن يزود بالطعام، وصار مَن يأتي بغنمه ليعفي آثار خطوات الطريق، ومع ذلك كان التأييد الإلهى حاضرا، فإن المشركين وصلوا إلى الغار، رغم كل الخطوات، دلالة على أنه لولا أن الله نجاهما منهم ما كانت الأسباب كافية، أي أنه رغم كل الأسباب إلا أنه كان هناك تأييد إلهى في الموضوع، ولذلك نقول اتخذ الأسباب، وتوكل على الله، لأن عدم الأخذ الأسباب مخالفة للسنة الكونية الإلهية، وبأسباب بدون توكل تخفق، ومهما كنت دقيقا فلا بد أن تخطئ، وتكون هناك مفاجآت، فالتأييد الإلهي للحق وأصحابه حاضرا جليا حتى مع الأخذ بالأسباب فانظروا عندما قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه “يا رسول الله لو أن أحد نظر تحت قدميه لأبصرنا”؟
قال صلى الله عليه وسلم “فما ظنك يا أبا بكر باثنين، الله ثالثهما “؟ رواه البخارى، وحتى في الهجرة لحقهما، مع أنهم نجوا من أول خطر، لحقهما سراقة ابن مالك، وأدركهما، خلاص، ولولا أن الله تعالى نجاهما منه لقبض عليهما، وأعادهما إلى قريش، وأيضا يوم بدر اتخذت كل ما أمكن من الأسباب، لكن كان التأييد الإلهي حاضرا.