التعامل مع الأطفال أثناء الأزمات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى ومن بآثاره اقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد إن هناك إرشادات عامة في التعامل مع الأطفال أثناء الأزمات، حيث يجب ألا يفترض الوالدان أنه ليس لدى الأطفال أي معرفة عن الأشياء التي سوف تحدث، وذلك لأن من المؤكد أنهم يعرفون أكثر مما قد يعتقد الوالدان، فالأطفال يكتشفون الأحداث من خلال متابعتهم للبرامج التلفزيونية أو من خلال تواصلهم مع الآخرين، ولذلك على الوالدين أن يقوما بتصحيح المعلومات غير الكافية، أو التي تنقصها الدقة وسوء الفهم من دون اللجوء إلى تقديم أي شيء غير واقعي أو غير حقيقي، ويجب أن يتواجد الوالدان وأن يستمعا لأطفالهما، وأن يعرفوهم أنه أمر طبيعي أن يتحدثوا عن الحدث الصعب، وهنا يجب أن يستمعا لما قد يفكر فيه الأطفال ويشعرون به دون إبداء أي إستخفاف أو سخرية.
فمن خلال الإستماع يستطيعان أن يعرفا طبيعة الدعم الذي يحتاجه أطفالهما، وكما يجب عليهما أن يكونا مستعدين للإجابة عن جميع أسئلة الأطفال حتى وإن بدت غريبة أو سخيفة، ويجب على الوالدين أن يتشاركا بمشاعرهما مع أطفالهما، وأن يخبروهم بأنهما يشعران أيضا بالخوف والغضب من الأحداث، حيث إن ذلك يساعد الأطفال على أن يعرفوا أن الراشدين أيضا يشعرون بالضيق عند التفكير بالحدث القادم، وإذا ما أخبرهم الوالدان بمشاعرهما فيجب عليهما إخبارهم بالطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه المشاعر دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة مشاعر الاضطراب عند الأطفال، ويجب إستخدام وسائل إتصال مختلفة لتسهيل عملية تعبير الأطفال عن مشاعرهم وذلك بترك المجال لهم حتى يعبروا بحرية عما يجيش بداخلهم من مشاعر وأحاسيس، ومخاوف وأفكار.
وتشجيعهم للتعبير عن أنفسهم بكل السبل كالرسم والكتابة واللعب من دون تدخل من الكبار بالمواعظ أو الإرشادات، فمقاطعة الطفل الذي يصف مشاعره لها آثارها السلبية، وعدم إحترام هذه المشاعر لا يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط والإضطراب، وكما يجب مساعدة الأطفال على الشعور بالأمن والإطمئنان، فعندما تحدث الأمور المأساوية كالحروب مثلا، يبدأ الأطفال بالشعور بالخوف من أن ما قد يحدث في ساحة الحرب يمكن أن يحدث لهم، لذا فمن المهم للوالدين أن يجعلوا الأطفال يشعرون بأنهم بمنحى عن موقع الخطر وأنهم سوف يفعلون ما بوسعهم لحمايتهم، ويجب التركيز على مشاعر الخوف لديهم، فبعد أن يكون الوالدان قد جعلا الطفل يشعر بالأمان والإطمئنان وبأنه ليس هناك أي مكروه سيصيبه شخصيا، فإنهما لا يجب أن يتوقفا عند هذا الحد.
فقد أظهرت الدراسات أن الأطفال يشعرون بالحزن أو الغضب أيضا، وهنا يجب على الوالدين أن يساعدوهم على التعبير عن هذه المشاعر، بالإضافة إلى تدعيم مشاعرهم بالتعاطف والإهتمام تجاه ما قد يتعرض له الآخرون، وكما أن هناك محاذير يجب عدم الإقدام عليها وهي التخفيف عن الطفل ومشاعره بإستعمال عبارات مثل إنسي الأمر لقد إنتهى كل شيء الآن، وعوضا عن ذلك يمكن للوالدين أن يقولا للطفل نفهم بأنك قلق ونرغب في مساعدتك، وقول أي شيء غير حقيقي أو غير واقعي مثل إن الحرب سوف تنتهي قريبا، أو إثارة آمال وعود غير حقيقية أو توقعات يصعب تحقيقها، أو الحدة والمقاطعة أو الإستهزاء والسخرية في أثناء النقاش مع الأطفال، وعدم ترك مشاعر الشعور بالإحباط والغضب تنعكس بشكل مباشر على تعامل الوالدين مع أطفالهما.
وكخلاصة لما سبق، لا بد من معرفة أن الطفل وعلى الرغم من محدودية قدراته التفكيرية، فإن قدراته وحاجاته الشعورية قد تكون وصلت إلى مرحلة حساسة تحتاج عناية وتعاملا خاصا، لذا يجب عدم تجاهل الوالدين لها والإنتباه لها بشكل دقيق، خصوصا في أوقات الأزمات.