التفكير في ملكوت الله تعالي
التفكير في ملكوت الله تعالي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 14 ديسمبر 2024
التفكير في ملكوت الله تعالي
بسم الله والحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صاحب النهج السوي، والخلق الأسمى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، لقد أمرنا الله تعالي بالتفكير في ملكوت الله تعالي بالعقل، فهذا هو الوليد بن المغيرة وهو أحد رجالات قريش، المشهود لهم بالزعامة والوجاهة والسعة في المال والولد، كان يقال للوليد ريحانة قريش لكن للأسف أعمل الوليد بن المغيرة عقله، وإستعمله استعمالا سيئا فهو إستعمل عقله لكنه إستعمله في تبرير الكفر، إستعمله في الشر، وفي الكبر، وفي إنكار الحق فكان تفكيره وإستعمال عقله الذي يبرر للكفر والعناد والشر وصمة عار في حياته وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فقال الله تعالى في شأن الوليد بن المغيرة ” إنه فكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر” وأنزل الله تعالي على رسوله المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم سورة غافر وفي صدرها هذه الآيات ” حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ” فسمع الوليد بن المغيرة هذه الآيات يتلوها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع الوليد إلى قريش يقول والله لقد سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى عليه وما يقول هذا بشر فلما قال الوليد ما قال قالت قريش صبأ الوليد لتصبون قريش كلها، فقال أبو جهل أنا أكفيكموه، فمضى إليه حزينا ؟
فقال له ما لي أراك حزينا، فقال له وما لي لا أحزن وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك بها على كبر سنك ويزعمون أنك زيّنت كلام محمد، وتدخل على ابن أبي كبشة وابن أبي قحافة لتنال من فضل طعامهما، فغضب الوليد وتكبر، وقال أنا أحتاج إلى كسر محمد وصاحبه فأنتم تعرفون قدر مالي واللات والعزى ما بي حاجة إلى ذلك وإنما أنتم تزعمون أنه شاعر، فهل رأيتموه نطق بشعر قط ؟ قالوا لا والله، قال وتزعمون أن محمدا كاهن فهل رأيتموه تكهن قط قالوا لا والله، قال وتزعمون أن محمدا مجنون، فهل رأيتموه قط يخنق ؟ قالوا لا والله، قال وتزعمون أن محمدا كذاب فهل جربتم عليه كذبا قط ؟ قالوا لا والله، قال لكني أرى فيه ما لا ترون، فقالت قريش للوليد فما هو ؟ ففكر الوليد في نفسه وجعل يصول ويجول بعقله.
ثم نظر ثم عبس وبسر فقال ما هو إلا ساحر، أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟ فلما قال ما قال واستعمل فكره وعقله في الكفر، والكبر، والشر، انتصر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، وانتصر للقرآن الكريم، وتوعد الوليد بالخزي والعذاب في الدنيا والآخرة، وأنزل فيه قرآنا يتلى في المحاريب وعلى المنابر والمنائر إلى يوم القيامة ” ذرني ومن خلقت وحيدا، وجعلت له مالا ممدوا، وبنين شهودا، ومهدت له تمهيدا، ثم يطمع أن أزيد، كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ” إلي آخر الآيات، وهذه الآيات تؤكد أن إعمال العقل في غير ما خلق له، وفي تبرير الجرم، وفي معاداة الحق لهو أكبر أسباب الشقاء في الدنيا والآخرة.
فالوحي والعقل هو حجة الله تعالى على الناس، فلا الوحي يقبل أن يضيع الإنسان الأمانة التي ائتمنه الله تعالى عليها، ولا العقل الصحيح يرضى أن يجنى الإنسان على عقل نفسه، ولا على عقل غيره، مهما كانت الأسباب ومهما كانت الدوافع، أنت أقوى من كل سبب، أنت أقوى من كل دافع، تحلى بالشجاعة واحفظ كرامتك، وكف نفسك عن تلك المجالس وفارق صحبة السوء واستعن بمولاك يعنك مولاك.