التقليد للنظريات التربوية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير وسبحانه وتعالي أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد إن النظرية الإسلامية التربوية المعتمدة في بنائها على فلسفة إسلامية منبثقة من عقيدة الإسلام الشاملة المتكاملة والثابتة هي الأساس لحياة المسلم وغير قابلة للتغير، ولذلك هي تبعد المجتمع المسلم عن التبعية والتقليد للنظريات التربوية الأخرى التي تقوم على فلسفات غير إسلامية أو مذاهب إلحادية، كما أنها بذلك تقدم معيار مقارنة يقارن به بين النظريات والتوجهات التربوية الأخرى.
كما أنها تساعد الباحثين في توجيه العلوم التربوية توجيها إسلاميا، وتضفى أسلوبا عصريا علميا موضوعيا في عرض قضايا التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم التربوية، والمقارنة بين النظرية التربوية الإسلامية وغيرها من النظريات التربوية، وذلك ما أيده بأن النظرية التربوية الإسلامية تساعد في تحليل المواقف التربوية وإرجاع العمليات التربوية الى أصلها الإسلامي، وتحليل المفاهيم والمصطلحات، وتطرقت إلى أن النظرية التربوية الإسلامية ليست فقط مؤصلة، وموجة للعلوم الحديثة، إنما تعمل على ربط الماضي بالمستقبل، وتسلط الضوء على الحضارة الإسلامية في ماضيها لتساعد في معالجة الأخطاء المعاصرة واستشراف المستقبل، فمعرفة الذات الحضارية أحد أهم الموضوعات التي تواجه العمل التربوي في البلاد الإسلامية.
لأن الحضارة الإسلامية تعرضت لكثير من الغزو الفكري، والاستعمار الحضاري، وذكر أن السبب في ذلك التراجع الحضاري الفكري لدى المسلمين هو تمسكهم بالفكر الآبائين وهو التمسك بالعادات والأعراف والقيم والعقائد التي وجدو عليها أباءهم دون أن يقوموها أو يحللوها، وتعمل النظرية التربوية الإسلامية على مواجهة التغريب الفكري المعاصر، والغزو الحضاري، وحماية الفكر الإسلامي والهوية الإسلامية العربية، وتقاوم نظرية الوحدة الحضارية العالمية التي تهدف إلى صهر الحضارات عامة، والحضارة الإسلامية خاصة في حضارة واحدة مبنية على أسس لا دينية مادية، وتقضى على تميزها وهويتها الإسلامية، فبناء النظرية التربوية على هذه الأسس الإسلامية ليس نوعا من التطرف، أو إثارة التفرقة الدينية.
إنما هو نوع من الصدق والأمانة العلمية حسب توجيهات الوحي ومقتضيات العقل، ومما سبق يتضح لنا أن النظرية التربوية الإسلامية هي جهد بشري يقوم على أصل من القرآن الكريم والسنة النبوية، والحاجة إليها في هذا العصر لبناء إنسان صالح يعبد الله ويعمر الأرض كما يرتضى الله عز وجل، وتقديم العلوم التربوية للمسلم بعد تقويمها وتوجيهها بما يتوافق مع التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة، وتقدم مناهج تعليمية تساعد المجتمع المسلم على حفظ حضارته وهويته وثقافته الإسلامية، مع مرونتها في الانفتاح على الخبرات والمعارف غير الإسلامية والنقل عنها فيما ينفع المسلم، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من القائمين بحقوق إخواننا، ونسأله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا ويصلح ذات بيننا، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.