الحياء حياة
بقلم
عبادى عبدالباقى قناوى
بني وطني
لكل شرع أخلاق وخلق الإسلام الاحياء .
مقدمة
إن الإسلام دين خلقي رفيع ، يدعو إلى مكارم الأخلاق ،
ويبعث في النفس مشاعر الفضيلة .
وقد بين رسول الله
صلى الله عليه وسلم
الغاية من بعثته فقال :-
“إنما بعثت لأ تمم صالح الأخلاق”
وفي رواية :-
“مكارم الأخلاق”،
إن الإسلام جاء محاربا لكل الرذائل والمنكرات، محرما لسائر الفواحش .
وغاية الإسلام أن يقيم مجتمعا فاضلاً ، تنعدم فيه مظاهر الإثم والجريمة وأسباب الفحش والمنكر، بحيث يغدو هذا المجتمع نظيفا من كل ما يدعو إلى الوقاحة و الدناءة والفجور .
ولقد كافح الإسلام طويلاً، في سبيل إقامة هذا المجتمع الطاهر، وجعل الحياء أساسه و عماده .
أولاً :-
مفهوم الحياء :-
خلق الحياء هو رأس الفضائل الخلقية ،
وعماد الشعب الإيمانية ،
وبه يتم الدين ،
وتصلح الحياة ،
وتسود الفضيلة ،
و تنعدم أسباب الرذيلة .
وهومن أبرز الصفات التي تنأى بالمرء عن الرذائل ،
وتحجزه عن السقوط إلى سفاسف الأخلاق ،
وحمأة الذنوب ،
كما أن الحياء من أقوى البواعث على الفضائل وارتياد معالي الأمور .
ثانيا :-
أهمية الحياء :-
أ- من الناحية الدينية :-
الحياء صمام أمن لسائر الأخلاق ، وهو فضيلة سامية تضبط إيقاع السلوك البشرى ،
و سياج واقٍ يحمي القيم ، و يحرس الأخلاق ،
ولهذا جاء في الحديث عن عمران بن حصين
رضي الله عنه
قال :-
قال النبي
صلى الله عليه وسلم :-
“الحياء لا يأتي إلا بخير” [البخاري (٦١١٧)].
لقد رفع الإسلام شأن الحياء، وحث على لزومه؛
باعتباره خلق الإسلام ورأس مكارم الأخلاق ،
فعن أنس رضي الله عنه قال :-
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم-:
“إن لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياء”
[السلسلة الصحيحة للألباني (٩٤٠)].
ومنزلة الحياء من الدين عظيمة ؛ حيث يحتل شعبة من شعب الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال :- “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أو بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إله إلاّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّريقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ” [مسلم (٣٥)].
والحياء لا ينفك عن الإيمان؛
إذ هما من جنس واحد،
ويؤديان مهمة ووظيفة واحدة ويحققان مقصدا واحدا.
عن سعيد بن جبير رضي الله عنه
قال :-
قال ابن عمر رضي الله عنهما :-
“إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْإِيمَانَ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ” [صححه الألباني في تخريج المشكاة (٥٠٩٤)].
والحياء رؤية الآلاء وتعظيمها، ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء، والحياء خلق عظيم لا يأتي إلا بخير.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:-
كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ
[البخاري (٦١٠٢) ومسلم (٢٣٢٠)].
ويعني الحياء في بعض صوره مراقبة الله تعالى والخوف منه؛ استحياء منه، فهو يحجم عن فعل المحظور، و يحملك إلى فعل المأمور، قال الله تعالى :-
(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) [العلق:١٤]،
وقال جل وعلا :-
(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:١].
ب- من الناحية الإجتماعية :-
١- لولا خلق الحياء لم يكرم الضيف .
٢- لم يوف بالعهد .
٣- لم تؤد أمانة.
٤- لم تقض لأحد حاجة.
٥- لا ستر لأحد عورة .
٦- لا آثر الجميل على القبيح من الأقوال والأعمال .
٧- لا امتنع من فاحشة كثير من الناس .
٨- لولا الحياء الذي فيه الإنسان لم يؤد شيئا من الأمور المفروضة عليه :-
أ- لم يرع لمخلوق حقا .
ب- لم يصل له رحما .
ج- لا بر له والدا .
وكلما كانت هذه الأخلاق في صاحبها أكمل،
كان حياؤه وحياته أقوى وأتم .
ثالثا :-
الخلاصة
الحياء :-
أنه خلق يبعث على ترك القبائح ، ويمنع من التفريط في الطاعات والمحاسن ،
ويتولد من امتزاج التعظيم بالمودة .
و على حسب قوة حياة القلب تكون فيه قوة خلق الحياء ،
وقلة الحياء من موت القلب والروح ،
ومن استحى من الله مطيعا ، استحى الله منه وهو مذنب ؛ لكرامته عليه ،
فيستحي أن يرى من وليه ومن يكرم عليه ما يشينه عنده .
والحياء هو أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرا ،
وأكثرها نفعا ،
بل هو خاصة الإنسانية ؛
فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم و صورتهما الظاهرة ،
ما أروع ! الحياء ؟
بني وطني
تمسكوا بالحياء
يرضى الله ورسوله
و تنعموا بالدنيا و الآخرة .
🤲اللهم أمين 🤲