الخارجة: ماذا نعرف عن أول مدينة مصرية صديقة للبيئة؟
تحرير /أيمن بحر
فى حوار مع اللواء رضا يعقوب المحلل الإستراتيجى والخبير الأمني ومكافحة الإرهاب يقول فى قلب الصحراء الغربية المصرية تقع مدينة هى أبعد ما تكون عن ضوضاء العاصمة وكتلها الخرسانية. تستقبلك أشجار النخيل ومساحات خضراء على مد البصر عند إقترابك من مدخلها ونقاء فى الهواء يدفعك لإغلاق مكيف السيارة وفتح النوافذ. مدينة عنوانها لا تلوث هنا.. مرحباً بك فى الخارجة
فى يونيو/ حزيران الماضى أعلنت وزير البيئة المصرية ياسمين فؤاد مدينة الخارجة بمحافظة الوادى الجديد كأول مدينة صديقة للبيئة فى مصر مؤكدة رغبة الحكومة فى عرض الخارجة كنموذج ناجح خلال قمة المناخ بشرم الشيخ COP27.
فريق بى بى سى سافر الى الخارجة ليلمس عن قرب المقومات التى أهلت المدينة لهذا اللقب وإمكانية تطبيق “نموذج الخارجة على مدن أكبر وأكثر تلوثاً كالقاهرة.
مدينة الخارجة هى عاصمة محافظة الوادى الجديد جنوبى مصر، تمتد على مساحة 85 الف كم مربع بعدد سكان لا يتجاوز 96 الف نسمة.
تمتلك المدينة حزاماً أخضر قوياً وبدأت الإعتماد على الطاقة الشمسية خلال العقد الماضى. ورغم قلة سكانها فإنك تلمس وعياً جماعياً خلال سيرك فى شوارعها بأن هذه المدينة لنا.. فلنحافظ عليها”
أولا: الاعتماد على الطاقة النظيفة
تتمتع الخارجة بشمس ساطعة طوال العام ودرجات حرارة قد تتجاوز 40 مئوية فى فصل الصيف، دفع ذلك لبدء مشروع للإعتماد بشكل شبه كلى على الطاقة الشمسية فى المدينة.
ثانيا: الحد من التلوث
إفتتحت الخارجة العام الماضى أول محطة لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى بدلاً من الوقود الأحفورى، وبحسب الخطة، فإن نحو 50% من السيارات فى شوارعها تعمل الآن بالغاز خاصةً سيارات الأجرة وحافلات النقل الجماعى.
يعد الغاز الطبيعي من مشتقات الوقود الأحفورى، فهو ليس أخضراً 100%، ولكنه أقل تلويثاً للبيئة من البنزين والسولار والديزل بنسب تصل الى 20%، إذ ينتج الغاز الطبيعى إنبعاثات عوادم أقل من الوقود، بحسب تقرير للوكالة الأمريكية لحماية البيئة EPA.
ثالثا: زيادة المساحات الخضراء
تُعرف الخارجة بواحة النخيل فى مصر حيث يوجد بها نحو 700 الف نخلة مثمرة، الأمر الذى جعل إنتاج التمور هو الأبرز فى المدينة. أن كمية الأكسجين المتولدة من المساحات الخضراء في الخارجة تتجاوز 111 مليون لتر من الأكسجين فيما تستهلك نحو 1850 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يجعل هواء المدينة على درجة عالية من النقاء.
رابعا: تدوير المخلفات
أثناء تجولك في شوارع الخارجة لا تلحظ أكياس قمامة متجمعة على الأرض، وهو منظر عادة ما تجده فى محافظات مصرية أخرى.
عربات جمع القمامة فى المدينة التى تبدأ عملها فى تمام الخامسة فجراً يومياً لتنقل المخلفات الى مصنع يبعد بضع كيلومترات عن المنطقة السكنية. بدأ المصنع عمله فى الخارجة عام 2002، إن نحو 50 طناً من القمامة تجلب يومياً “تفصل المخلفات فى المصنع لثلاثة أقسام؛ مخلفات عضوية وهذه تحول لسماد طبيعى ينقل للمزارع القريبة، أو علب بلاستيك وتنقل لمصانع إعادة التدوير وثالثاً العلب المعدنية وتنقل الى ورش لإذابتها وإعادة إستخدامها” إن الحكومة قامت بتخطيط الخارجة جيداً وهو ما ساعد على إعتبارها صديقة للبيئة. “فتم بناء المنطقة الصناعية خارج الكتل السكانية وتوزيع المساحات الخضراء بين المبانى ومنع إرتفاع المبنى السكنى عن عدد طوابق معين للحفاظ على المنظر الجمالى المريح” أن الخارجة لم تكن تحدياً كبيراً، فهى مثال للمدينة التى بطبيعتها خضراء بموارد متاحة وعدد سكان قليل، لكن المشكلة تكمن فى المدن والمحافظات الأكبر والأكثر إكتظاظاً كالقاهرة والإسكندرية.
أن إستراتيجية الحكومة الحالية تجعل من الصعب تكرار نموذج الخارجة فى المدن الكبرى لسببين، هما سوء التخطيط والإهتمام بالعائد الإقتصادى بدلاً من البعد البيئى. “فمثلاً فى القاهرة تم توسيع خطوط المترو وزيادة أساطيل النقل الجماعى من حافلات وقطارات وهذا جيد لتشجيع السكان على إستخدامها بدلاً من سياراتهم وتقليل الإنبعاثات، لكن فى الوقت ذاته قمنا بتوسيع الطرق داخل المدن وهذا شجع السيارات على المشى فيها وقمنا كذلك بقطع الأشجار
أن أولويات الحكومة غالباً ما تكون إقتصادية وليست بيئية فى مشروعاتها فنهتم بمشروع مثل المترو لأنه سيدر عائداً لكن المساحات الخضراء عادة ما تكون مجانية. وأفضل دليل على ذلك هو إقتطاع جزء كبير من المساحات الخضراء لتحويله لأماكن خدمية كالمطاعم والمقاهى، وهذا هو النمط المتبع فى أغلب المحافظات المصرية
تقارير لمنظمات بيئية وجمعيات حقوقية تنتقد ما تصفه بقطع “شبه ممنهج” للأشجار فى عدة مدن مصرية خلال السنوات الماضية خاصة فى أحياء القاهرة المزدحمة، على حساب تطوير البنية التحتية وإنشاء شبكة طرق جديدة في البلاد. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، فى تقرير لها عام 2018حذرت المنظمة حينها من الآثار الصحية للجزيئات الدقيقة المتواجدة فى الهواء الملوث حيث يمكن أن تؤثر على عمل الرئتين ونظام القلب والأوعية الدمية وقد تتسبب فى الوفاة.