الخطيب وخطايا الملف الكروي.. بين ضياع الهوية وفقدان الثوابت
كتب ـ السيد جمال السيد
في الوقت الذي اعتاد فيه جمهور الأهلي أن يرى ناديه متمسكًا بثوابته التاريخية ومبادئه الراسخة، وجد نفسه هذا الموسم أمام واقع مختلف تمامًا. قرارات إدارية مرتبكة، وصفقات لم ترتقِ لطموحات الجماهير، وتجربة فنية فاشلة مع ريبيرو لم تحمل أي ملامح من شخصية البطل التي تميز القلعة الحمراء.
الخطيب، الذي جاء محمولًا على أكتاف الجماهير، بات اليوم في مرمى الانتقادات بعدما خرج عن منهج الأهلي الثابت في إدارة ملف كرة القدم، ليدخل بالنادي في دوامة من الأزمات غير المسبوقة.
أولًا: فشل التخطيط وفقدان الهوية الأهلي كان على مر تاريخه ناديًا يُدار بمنهجية واضحة، حيث تأتي القرارات مبنية على أسس فنية وإدارية راسخة، بعيدًا عن الارتجال وردود الأفعال. غير أنّ المرحلة الأخيرة كشفت عن غياب الرؤية، فتمت إقالة الأجهزة الفنية بشكل متكرر، والتعاقد مع لاعبين لم يضيفوا شيئًا للفريق، مما أضاع هوية الكرة في الأهلي وأفقد الفريق شخصيته المعتادة داخل الملعب.
ثانيًا: ريبيرو.. التجربة التي كشفت العيوب قدوم ريبيرو كان يفترض أن يكون بداية مشروع جديد، غير أنّ الواقع أظهر عكس ذلك. المدرب لم يجد البيئة المناسبة للعمل، والصفقات التي جلبتها الإدارة لم تخدم فكره الفني، لينكشف الخلل العميق في طريقة إدارة الملف الكروي. الفشل لم يكن فنيًا فقط، بل إداريًا بالدرجة الأولى، حيث غابت المعايير الواضحة لاختيار المدرب واللاعبين.
ثالثًا: غضب المدرجات واهتزاز الثقة الجماهير، التي كانت دائمًا السند والداعم الأكبر للإدارة، تحولت اليوم إلى الطرف الأكثر انتقادًا للخطيب ومجلسه. لم يعد الصبر ممكنًا بعد أن تراجعت النتائج وتبخر الحلم الموعود، ليتحول الغضب الجماهيري إلى ما يشبه “انتفاضة” حمراء، تعكس حجم الشرخ بين الإدارة والجماهير.
رابعًا: الخروج عن الثوابت.. أصل الأزمة منذ تأسيسه، بُني الأهلي على قيم واضحة: الاستقرار، الانضباط، احترام تو المبادئ، والاعتماد على الكفاءة في الاختيارات. لكن ما يحدث الآن يعكس خروجًا عن تلك الثوابت؛ فالعشوائية صارت بديلًا للتخطيط، والارتجال حل مكان المنهجية. هنا يكمن جوهر الأزمة، فالأهلي لم يسقط بسبب مدرب أو لاعب، بل بسبب إهمال إدارته لثوابته التي كانت سر تفوقه لعقود.
الطريق إلى الإصلاح واستعادة الثوابت
إن خروج الأهلي من أزمته الراهنة ليس بالأمر المستحيل، لكنه يتطلب إرادة حقيقية وقرارات جريئة تعيد النادي إلى مساره التاريخي. ويمكن تلخيص ملامح الطريق إلى الإصلاح في عدة محاور أساسية:
العودة إلى الثوابت: الالتزام بمبادئ الأهلي في الإدارة والانضباط والاختيارات المبنية على الكفاءة لا الولاءات أو الحسابات المؤقتة.
تأسيس لجنة كرة محترفة: تضم خبراء فنيين وإداريين من أبناء النادي، تكون صاحبة القرار في اختيار الأجهزة الفنية والصفقات بعيدًا عن الفردية.
وضع استراتيجية طويلة المدى: قائمة على استقرار الأجهزة الفنية وتطوير قطاع الناشئين كرافد أساسي للفريق الأول، بدلًا من الاعتماد على صفقات عشوائية.
المصارحة مع الجماهير: فالمدرج لن يهدأ إلا إذا وجد شفافية كاملة، ورؤية واضحة تُعيد له الثقة في إدارة ناديه.
إعادة بناء الهوية الكروية: عبر مدرب صاحب مشروع، ولاعبين يدركون قيمة ارتداء القميص الأحمر، ليعود الأهلي كما كان “نادي المبادئ” وصاحب الشخصية الأقوى في القارة.
كلمة أخيرة
الأهلي لم يكن يومًا ناديًا عاديًا، بل مؤسسة رياضية عريقة صنعت مجدها بالثبات على المبادئ والقدرة على تجاوز الأزمات. واليوم، يبقى الخطيب وإدارته أمام اختبار تاريخي: إما العودة إلى ثوابت القلعة الحمراء، أو مواجهة غضب جماهيري قد يكتب فصلًا جديدًا في علاقة المدرج بالإدارة.
الخطيب وخطايا الملف الكروي.. بين ضياع الهوية وفقدان الثوابت