مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن آثار وثمرات العمل الصالح

بقلم / محمـــد الدكـــروري
قيل أنه أصاب الفقر والحاجة شيخ القراء في زمانه عاصم بن أبي إسحاق، فذهب إلى بعض إخوانه فأخبره بأمره، فرأى في وجهه الكراهة، فضاق صدره وخرج لوحده إلى الصحراء، وصلى لله ما شاء الله تعالى، ثم وضع وجهه على الأرض، وقال ” يا مسبّب الأسباب، يا مفتَح الأبواب، ويا سامع الأصوات، يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات، اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمّن سواك” وظل يلح على الله عز وجل بهذا الدعاء، حتى قال فوالله ما رفعت رأسي حتى سمعت وقعة بقربي، فرفعت رأسي فإذا بحدأة طرحت كيسا أحمر، فأخذت الكيس فإذا فيه ثمانون دينارا وجوهراً ملفوفا في قطنة، فبعت الجواهر بمال عظيم واشتريت منها عقارا، وحمدت الله تعالى على ذلك.
وقيل أنه كان رجل من العباد مع أهله في الصحراء في جهة البادية، وكان عابدا قانتا منيبا ذاكرا لله عز وجل، قال فانقطعت المياه المجاورة لنا وذهبت ألتمس ماء لأهلي، فوجدت أن الغدير قد جفّ، فعدت إليهم ثم التمسنا الماء يمنة ويسرة فلم نجد ولو قطرة وأدركنا الظمأ، واحتاج أطفالي إلى الماء، فتذكرت رب العزة سبحانه وتعالي القريب المجيب، فقمت فتيممت واستقبلت القبلة وصليت ركعتين، ثم رفعت يديّ وبكيت وسالت دموعي وسألت الله بإلحاح وتذكرت قوله وتعالي ” أمن يجيب المضطر إذا دعاه” قال والله ما هو إلا أن قمت من مقامي وليس في السماء من سحاب ولا غيم، وإذا بسحابة قد توسطت مكاني ومنزلي في الصحراء، واحتكمت على المكان ثم أنزلت ماءها، فامتلأت الغدران من حولنا وعن يميننا.
وعن يسارنا فشربنا واغتسلنا وتوضأنا وحمدنا الله سبحانه وتعالى، ثم ارتحلت قليلا خلف هذا المكان، وإذا الجدب والقحط، فعلمت أن الله ساقها لي بدعائي، فحمدت الله عز وجل، فسبحانه القائل العظيم ” وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد” وهكذا فإن الطاعة لله عز وجل والعمل الصالح لهما آثار وثمرات كثيرة تعود على العبد في الدنيا والآخرة، ومن أعظم هذه الآثار والثمرات هو محبة الله عز وجل والقرب منه، فالعمل الصالح سبب لحب الله عز وجل لعبده، ويُورث الود في قلوب الخلق، وهو سبب للسعادة في الدنيا والآخرة، وهو سبب البشرى من الله عند الممات، وفي قصة الثلاثة الذين دخلوا الغار فأطبق عليهم، كان للعمل الصالح أثرا عظيما في نجاتهم من الهلاك.
فانظر لقد توسل كل واحد من هؤلاء الثلاثة بعمله الصالح فشاء الله أن يكون سببا في نجاتهم من الهلاك، ولو أن واحدا منا كان معهم أو مكانهم فأي عمل كان يرجوه كي يتوسل به إلى الله ويدعو به فيكون سببا في نجاته؟ فاتقوا الله تعالى واعلموا أن الأعمال هي حصيلة الإنسان التي يخرج بها من هذه الدنيا، ويترتب عليها مصيره في الآخرة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “يتبع الميت ثلاثة أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله” متفق عليه، والعمل هو رفيق الإنسان في قبره ينعم به إن كان صالحا، ويعذب به إن كان سيئا، فقد جاء في الحديث أن العمل الصالح يأتي صاحبه في القبر بصورة رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح.
فيقول أبشر بالذي يسّرك، فيقول الميت من أنت فوجهك الوجه الحسن بالخير؟ فيقول أنا عملك الصالح وأما العمل السيّئ فيأتي صاحبه في القبر بصورة رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول من أنت؟ فوجهك الوجه القبيح يجيء بالشر، فيقول أنا عملك الخبيث، كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا في معصيته فجزاك الله شرا.
اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار