الدكروري يكتب عن أبو عبد الرحمن مع هشام بن عبد الملك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الإمام طاوس بن كيسان، هو الإمام الفقيه أبو عبدالرحمن طاوس بن كيسان اليماني، وهو الذي قال عنه ليث بن أبي سليم قال لي طاوس ما تعلمت من العلم فتعلمه لنفسك فإن الأمانة والصدق قد ذهبا من الناس، وقال أيضا من لم يبخل ولم يلي مال يتيم، لم ينله جهد البلاء، وقال ابن طاوس قلت لأبي ما أفضل ما يقال على الميت؟ قال الاستغفار، وقال أيوب السختياني رأى طاوس رجلا مسكينا في عينه عمش، وفي ثوبه وسخ، فقال له إن الفقر من الله، فأين أنت من الماء؟ وقيل أن هناك موقف لطاوس بن كيسان مع هشام بن عبد الملك، فقيل أن هشام بن عبد الملك قدم حاجا إلى بيت الله الحرام، فلما دخل الحرم قال ايتوني برجل من الصحابة فقيل يا أمير المؤمنين قد تفانوا.
قال فمن التابعين، فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلم بإمرة المؤمنين ولم يكنه، وجلس إلى جانبه بغير إذنه، وقال كيف أنت يا هشام؟ فغضب من ذلك غضبا شديدا حتى هم بقتله، فقيل يا أمير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسوله لا يمكن ذلك، فقال له يا طاوس، ما حملك على ما صنعت؟ قال وما صنعت؟ فاشتد غضبه وغيظه، وقال خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي بغير إذني، وقلت يا هشام كيف أنت؟ قال أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يعاتبني ولا يغضب علي، وأما ما قلت لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك فخفت أن أكون كاذبا.
وأما ما قلت لم تكنني فإن الله سبحانه وتعالى سمى أنبياءه قال يا داود يا يحيى يا عيسى، وكنى أعداءه فقال ” تبت يد أبي لهب وتب” وأما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام، فقال له عظني قال إني سمعت أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته ثم قام وخرج، وقيل أنه قالت امرأة ماجنة ما بقي أحد إلا فتنته ما خلا طاوس، فإني تعرضت له فقال إذا كان وقت كذا فتعالي فجئت ذلك الوقت فذهب بي إلى المسجد الحرام، فقال اضطجعي فقلت هاهنا فقال الذي يرانا هنا يرانا هناك.
وقال عمرو بن دينار ما رأيت أحدا قط مثل طاوس، لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليه طاوس إن أردت أن يكون عملك خيرا كله فاستعمل أهل الخير فقال عمر كفى بها موعظة، وكانت من كلمات الإمام طاوس بن كيسان، أنه قال ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه، وعن ليث عن طاوس قال “ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا أحصي عليه حتى أنينه في مرضه، ولما علم أحمد ذلك من قوله وكان يتأوه بينما كان مريضا توقف عن التأوه” وتوفي الإمام طاوس بن كيسان رحمه الله بمكة المكرمة قبل يوم التروية بيوم، وكان هشام بن عبدالملك قد حج تلك السنة وهو خليفة سنة ست ومائة، فصلى على طاوس، وكان له يوم مات بضع وتسعون سنة رحمه الله رحمة واسعة.
الدكروري يكتب عن أبو عبد الرحمن مع هشام بن عبد الملك