الدكروري يكتب عن أحب البقاع إلى الله المساجد
الدكروري يكتب عن أحب البقاع إلى الله المساجد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
يا أيها الناس إن أحدنا لا يعلم متى تكون نهايته ومتى تأتيه تلك اللحظة؟ فهلموا لنعاهد الله تعالي أن نحرص على الاستقامة وعلى طاعة الله، وهلموا لنجعلها توبة نصوحا مما أسرفنا به على أنفسنا، واستعدادا لتلك اللحظة الرهيبة، أيها الناس نبهوا زوجاتكم وأولادكم قواعد البيوت إلى خطر سوء الخاتمة ووجهوهن أن يحرصن على حسن الختام، ودلوهن إلى طريق ذلك وأسبابه خوفهن من سوء الخاتمة وأعلموهن أن الأعمال بالخواتيم، فإنه كما توجد أسواق لتجارة الدنيا بين الخلائق فإنه توجد أيضا أسواق للآخرة للتجارة مع الله عز وجل، وإن أول هذه الأسواق المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى، ورواد تلك المساجد هم تجارها.
يتاجرون مع الله سبحانه و تعالى، فماذا ترجو من المشي إلى الصلاة في المساجد أيها المصلون فهنيئا لكم تلك الخطوات، وهنيئا لكم رفع الدرجات، وهنيئا لكم محو السيئات، وهنيئا لكم ما اعد لكم من جزاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال “إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط” فماذا ترجو من إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، ما أربحها من أسواق ترفع قدر روادها وتمنحهم شهادة ضمان لدخول جنة الرحمن.
ما اربحها من تجارة مكسبها يراءيان من النار ومن النفاق، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من صلى لله أربعين يوما في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق” وإن سوق الأعمال الصالحة أفضل سوق تزود منها المرء ولكن الكثيرين لاهين عن دخول هذه السوق بل تراهم منصرفين دائما إلى تلك السوق الزائفة سوق التجارة الزائفة، فترى الناس مشغولين ببضائع التجارة الفانية، والكل يحلم بالربح الزائل، ولو فكر العاقل لعلم أن من الحزم أن يكون من المبادرين إلى سوق التجارة الرابحة، وإن المعنى هو ألا أنبئكم بما هو خير لكم من بذل أموالكم ونفوسكم قالوا وماذا قال “ذكر الله”
لأن جمع العبادات من الإنفاق ومقاتلة العدو وغيرهما ومسائل ووسائط يتقرب بها إلى الله والذكر هو المقصود الأعظم وأجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفسا وكذلك التسبيح والتحميد والتهليل فقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا الحديث يدل على أن الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت, والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر انصرفوا واصبروا.
فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرّا، أو قال طعاما فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال ما تشاءون؟ قالوا الزمان قد قحط السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان حبّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان، فقال يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا للعشرة اثنا عشر، قال عثمان قد زادني، قالوا للعشرة خمسة عشر، قال عثمان قد زادني.
قال التجار يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال زادني الله تبارك وتعالى بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا اللهم لا، قال فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، فقال ابن عباس رضي الله عنهما فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق وهو الذي فيه سواد وبياض عليه حُلة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوّجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه”