مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن أعظم ما في الجنة من النعيم

بقلم / محمـــد الدكـــروري
قيل أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فرأى فيه رجلا من الأنصار، يقال له أبو أمامة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إني أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة، قال هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم ” أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت بلى يا رسول الله، قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت ” اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال” قال ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى عني ديني، ألا وإن أعظم ما في الجنة من النعيم هو التمتع برؤية وجه الله الكريم، فبينما أهل الجنة في نعيمهم إذ بالمنادي ينادي.
يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحي على زيارته، فيقولون سمعا وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعدا وجمعوا هنالك فلم يغادر الداعي منهم أحدا، أمر الرب تبارك وتعالى بكرسيه فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من لؤلؤ ومنابر من نور، ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة، وجلس أدناهم وحاشاهم أن يكون فيهم دني على كثبان المسك، ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا، حتى إذا استقروا في مجالسهم واطمأنت بهم أماكنهم نادى منادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا.
ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار، فبينما هم كذلك إذا سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم وقال يا أهل الجنة سلام عليكم، فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول يا أهل الجنة، فيكون أول ما يسمعون منه تعالى أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة، أن قد رضينا فارض عنا، فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لما أسكنتكم جنتي، هذا يوم المزيد فاسألوني، فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليك، فيكشف لهم الرب جل جلاله عنه الحجب.
ويتبدى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تبارك وتعالى محاضرة حتى إنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول يا رب، ألم تغفر لي؟ فيقول بلى، بمغفرتي بلغت منزلتك هذه، وإن الطمع في الجنة قائد، وإن الخوف من النار زاجر وسائق ، والجنة حق أن يطلبها المسلم باذلا جهده، لأن فيها الخلود في النعيم، ففيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا هل مشمّر للجنة، فإن الجنة لا خطر لها، هي، ورب الكعبة، نور يتلألأ وريحانة تهتز، وقصر مشيد ونهر مُطرد.
وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة ومقام في أبد، في دار سليمة، وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة، في محلة عالية بهيّة، قالوا نعم يا رسول الله، نحن المشمّرون لها، قال قولوا إن شاء الله، فقال القوم إن شاء الله” رواه ابن حبان.
اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار