المقالات

الدكروري يكتب عن إرم ذات العماد

الدكروري يكتب عن إرم ذات العماد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن إرم ذات العماد

إن الدعاة المخلصين يبلغون رسالة ربهم عز وجل، ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله تعالي، ويغارون عليها، ويدافعون عنها بكل شجاعة وثبات، وبكل عزم وإصرار، وإن من غرائب مما ذكرته التفاسير حول هذه قصة نبي الله هود، أنه جاء في بعض مواضع حديث القرآن الكريم عن نبى الله هود عليه السلام قوله تعالى كما جاء فى سورة الفجر “ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد” وقد زعم بعض الرواة أن إرم، اسم مدينة، والصواب أن إرم، هو إرم بن سام بن نوح، فقال ابن كثير من زعم أن إرم مدينة، فإنما أخذ ذلك من الإسرائيليات، وليس لذلك أصل أصيل، ولهذا قال تعالى كما جاء فى سورة الفجر ” التي لم يخلق مثلها في البلاد” أي لم يخلق مثل هذه القبيلة في قوتهم وشدتهم وجبروتهم. 

 

ولو كان المراد بذلك مدينة، لقال التي لم يُبن مثلها في البلاد، ثم قال ابن كثير وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الآية، من ذكر مدينة يقال لها” إرم ذات العماد” مبنية بلبن الذهب والفضة، قصورها ودورها وبساتينها، وإن حصباءها لآلئ وجواهر، وترابها بنادق المسك، وأنهارها سارحة، وثمارها ساقطة، ودورها لا أنيس بها، وسورها وأبوابها تصفر، ليس بها داع ولا مجيب، وأنها تنتقل فتارة تكون بأرض الشام، وتارة باليمن، وتارة بالعراق، وتارة بغير ذلك من البلاد، فإن هذا كله من خرافات الإسرائيليين، من وضع بعض زنادقتهم، ليختبروا بذلك عقول الجهلة من الناس أن تصدقهم في جميع ذلك، وقد ذكر ابن كثير عن الثعلبي وغيره خبرا. 

 

حاصله أن رجلا من الأعراب في زمن معاوية رضي الله عنه ذهب في طلب بعير له شردت، فبينما هو يتيه في ابتغائها، إذ طلع على مدينة عظيمة لها سور وأبواب، فدخلها فوجد فيها قريبا مما ذكرناه من صفات المدينة الذهبية التي تقدم ذكرها، وأنه رجع فأخبر الناس، فذهبوا معه إلى المكان الذي قال فلم يروا شيئا، فقال ابن كثير رحمه الله الحكاية ليس يصح إسنادها، ولو صح إلى ذلك الأعرابي، فقد يكون اختلق ذلك، أو أنه أصابه نوع من الهوس والخبال، فاعتقد أن ذلك له حقيقة في الخارج، وليس كذلك، وهذا مما يقطع بعدم صحته، وهذا قريب مما يخبر به كثير من الجهلة والطامعين والمتحيلين، من وجود مطالب تحت الأرض، فيها قناطير الذهب والفضة، لكن عليها موانع تمنع من الوصول إليها والأخذ منها. 

 

فيحتالون على أموال الأغنياء والضعفة والسفهاء، فيأكلونها بالباطل، وروى ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى كما جاء فى سورة الذاريات ” وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم” وعن ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الريح مسخرة من الثانية ويعني من الأرض الثانية، فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا، قال أي رب، أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور؟ قال له الجبار، لا، إذا تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم، فهي التي يقول الله في كتابه كما جاء فى سورة الذاريات ” ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ” وقال ابن كثير بعد أن ساق هذه الرواية، هذا الحديث رفعُه منكر، والأقرب أن يكون موقوفا على عبد الله بن عمرو. 

الدكروري يكتب عن إرم ذات العماد

الدكروري يكتب عن إرم ذات العماد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار