منوعات

الدكروري يكتب عن إياكم والإقتراب من المحرمات

الدكروري يكتب عن إياكم والإقتراب من المحرمات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد حذرنا النبي الكريم صلي الله عليه وسلم من المحرمات ومن الإقتراب منها بكافة أشكالها، ومن ذلك الاتجار في المحرمات، كالمخدرات، والسلع المغشوشة، والتعاملات الربوية وغيرها، فيقول الله تعالى ” وأحل لكم البيع وحرم الربا” وعن أبي مسعود الأنصارى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن ثمن الكلب أى ثمن بيعه، ومهر البغى، وهو ما تعطى على الزنا، وحُلوان الكاهن وهو ما يعطى على تكهنه” رواه البخارى ومسلم، ومن هذا القبيل، الغبن الفاحش في البيع والشراء، بأن يزيد في ثمن السلعة زيادة فاحشة، مصحوبة بتزيين المغشوش، والكذب في وصفه وتحديد تاريخه، كما يفعل ببعض الناس، وكل ذلك غش ومكر وخديعة، والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من ذلك ويقول”من غشنا فليس منا، والمكر والخديعة في النار” رواه الطبرانى.

 

ولقد تفطن السلف الصالح لخطورة هذا الأمر، وبلغ بهم الورع إلى ترك الحلال أحيانا مخافة الوقوع في الحرام، فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه “كنا ندع تسعة أعشار الحلال، مخافة أن نقع في الحرام” ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما “لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يُقبل ذلك منكم إلا بورع حاجز أى مانع” ويقول ابن المبارك “لأن أردّ درهما من شُبهة، أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمائة ألف” ويقول يحيى بن معاذ رحمه الله “الطاعة خزانة من خزائن الله، إلا أن مفتاحها الدعاء، وأسنانه لقم الحلال” ومما رواه البخارى في صحيحه عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “كان لأبى بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء، فأكل منه أبو بكر.

 

فقال له الغلام تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر وما هو؟ قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقينى فأعطانى بذلك، فهذا الذى أكلت منه، فأدخل أبو بكر رضى الله عنه يده، فقاء كل شيء في بطنه” وكذلك قإن من مضار أكل الحرام، هو إفساد القلب، إذ هناك رابطة وثيقة بين صلاح القلب وفساده، وبين ما يُدخل المرءُ جوفَه، ولهذا السبب قال النبي صلى الله عليه وسلم “الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس” ثم قال بعد ذلك “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” متفق عليه، ولقد دبّ فينا الداء، وانتشرت أمراض الذنوب والمعاصي، وقلّ الإحساس بها، لكثرة المساس وتصاغر الكثير ما سبق منها لكثير ما وقع بعدها.

 

وماتت القلوب، وتبلدت الأجسام، وذهبت الغيرة، وقلّ التعاون على البر والتقوى، وقَوى التعاون على الإثم والعدوان، وأصبح المعروف عند الكثير منكرا، والمنكر معروفا، وقلّ الخوف والحياء، وإن الله سبحانه وتعالى أمر بتطهير القلب، وتنقيته، وتزكيته، بل جعل الله سبحانه وتعالى من غايات الرسالة المحمدية تزكية الناس، وقدمها على تعليمهم الكتاب والحكمة لأهميتها، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة الجمعه ” هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة” وقال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى كما جاء فى سورة المدثر ” وثيابك فطهر” فإن جمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم على أن المراد بالثياب هنا هو القلب، وإن أثر هذا القلب في حياة الإنسان أنه الموجه والمخطط، والأعضاء والجوارح تنفذ.

 

فيقول أبو هريرة رضي الله عنه “القلب ملك، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث القلب خبثت جنوده” فاتقوا الله في أنفسكم، وفيمن ولاكم الله أمرهم، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، ولا أحد يعذر في نفسه، ولا فيمن ولى أمره، كبر أو صغر، واعلموا أن أشرف ما في الإنسان قلبه، فإنه العالم بالله، العامل له، الساعي إليه، وإنه بمثابة القائد للأعضاء، يُديرها ويُصرفها، فتنقاد له على ما يريد منها، فإن كان صالحا سالما من الأمراض، قادها واستعملها في الخير، وإن كان مريضا، قادها وأوردها المهالك بحسب ما فيه من مرض، فإن القلب هو محل نظر الله تعالى من البشر، وعلى ضوء ما فيه من خير أو شر سيؤجر الإنسان أو يؤثم، ثم سينجو أو يهلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار