المقالات

الدكروري يكتب عن إياكم وضياع الوقت

اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل

الدكروري يكتب عن إياكم وضياع الوقت

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الآيات التى نراها اليوم والحوادث فيها تذكير للعباد بعظمة الله تعالي وقدرته، فمهما وصل إليه علم البشر فيما يتعلق بمستجدات الحياة وضرورياتها فضلاً عن كمالياتها فإنهم لا يزالون على رغم ذلك كله، وسيكونون كذلك أبدا قاصرين ضعفاء ومساكين أذلاء ولا يملكون لأنفسهم حولا ولا طولا ولا حياة ولا موتا ولا نشورا، وتحصل الكوارث وتقع المصائب وتتفشى الأمراض والمختصون بالصحة والسلامة وشؤونها يقفون عاجزين ضعفاء أمام ما يشاهدون ويسمعون ولا يستطيعون كشف الضر ولا تحويلا، ففي لحظات أو سويعات نرى امة من الناس لا تشكوا مرضا بل قد يكونوا في كامل صحتهم وعافيتهم، ثم يكون الجمع هلكى لا تسمع لهم حسا ولا همسا، فلا إله إلا الله ما أجل حكمته. 

ولا إله إلا الله ما أعظم تدبيره، سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره، وقال علي بن أبي طالب ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، وإياكم وضياع الوقت فيما لا فائدة فيه، فإن إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها، ويقول الفضيل بن عياض لرجل كم أتى عليك ؟ قال ستون سنة، قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ، فقال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون، قال الفضيل أتعرف تفسيره. 

تقول إنا لله وإنا إليه راجعون، فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول، فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل فما الحيلة ؟ قال يسيرة، قال ما هي؟ قال تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي، أخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم، وإن أحوال العالم تتغير يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر، وسنة بعد سنة، وعقدا بعد عقد، وقرنا بعد قرن من الزمان، والله سبحانه وتعالى بحكمته عز وجل وعلمه، وقدرته وإرادته هو الذي يغير هذه الأمور فهو سبحانه وتعالى القائل في سوة آل عمران ” وتلك الأيام نداولها بين الناس” ونزلت هذه الآية في معركة أحد. 

كان المسلمون قد انتصروا قبلها في غزوة بدر انتصارا مبينا فرقانا بين الحق والباطل، وبعد ذلك في معركة أحد انهزم المسلمون، وقتل منهم سبعون من خيارهم، وحصلت هزيمة عظيمة، وشُجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت منه الدماء، ودفع المسلمون ثمن الهزيمة باهظا من الأرواح والمعنويات التي فقدوها في تلك الغزوة، وأطلع النفاق رأسه، واشتد النفاق بعد معركة أحد بالذات ما لم يشتد قبل ذلك، ومن هم أولئك المسلمون؟ إنهم الصفوة المختارة التي قادها أعظم نبي ظهر في البشرية على الإطلاق، وهو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، والسبب طبعا كان هو كما قال تعالي في سورة آل عمران. 

“حتي إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة” فالفشل والتنازع، والمعصية وحب الدنيا، أربعة أسباب رئيسية ذكرتها الآية، وهي أسباب لهزيمة المسلمين في معركة أحد، وقبل فترة كانوا منتصرين، وبعد فترة أصبحوا منهزمين، وبعدها انتصروا في الأحزاب، وبعدها جاءت حنين، فانهزموا في البداية، وانتصروا بعدها، ثم توالت انتصارات المسلمين تفتح بلاد العالم شرقا وغربا، وإن الأيام تدور سراعا والوقت يمضي بسرعة خيالية لا مثيل لها وكل ذلك إنما هو محسوب علينا ويمضي من أعمارنا وينقضي من آجالنا فماذا أعددنا للنهاية؟ 

وماذا عملنا ليوم القيامة وبأي عمل سيختم لنا به فتكون خاتمتنا حسنة أو سيئة؟ فلا بد لنا من الاتعاظ والاعتبار والتذكر والاستبصار لكي نستفيد من هذه الحوادث التي تحدث لنا في الليل والنهار ، فاعتبروا يا أولي الأبصار واسلكوا طريق الأبرار ولا تغرنكم الدنيا بزخارفها وفتنها فإنها دار عناء وبلاء لا دار خلود وقرار.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار