المقالاتشريط الاخبار
الدكروري يكتب عن الأموال وطرق الخير
الدكروري يكتب عن الأموال وطرق الخير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كان السلف الصالح من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من الذين كانوا يتعلمون ويعملون، وكانوا يكسبون بتجارتهم وزراعتهم وتدربهم على الحرب والفروسية، ويصرفون الأموال في طرق الخير، ويكسبونها من الطرق المشروعة، فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يخبر عن الصحابة أنهم يشتغلون بالصفق في الأسواق، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، ويعاقب الاتكاليين والمتبطلين، ولقد عز المسلمون وسادوا يوم كانوا يفهمون الإسلام على حقيقته، ولكن بعد أن جهلوا صاروا في المؤخرة بل هانوا وضعفوا إلى حد مخجل، وانقلبت المفاهيم إلى أضدادها في كثير من الأمور، ومن جملة ذلك إهمال التكسب، وركون المسلمين إلى الكسل، والعيش على فتات الموائد.
أو انتظار الصدقات والهبات، أو مد اليد للتسول، كما أن هناك جماعات كثيرة تحتقر بعض الأعمال، وترى فيها غضا من شأنهم، وامتهانا لكرامتهم، مفضلين التبطل، وتضييع واجباتهم في الإنفاق على من يعولون، ومن المؤسف أن نرى البلاد الأخرى التي لا تدين بالإسلام تحارب البطالة وتمقتها، ويندر أن يوجد فيها شحاذون نتيجة لذلك، وهم ليس في ديانتهم من التعاليم ما يرغب في العمل والكسب كما في الإسلام ولا قريب منه، ويبقى المسلمون متأخرين، على عكس تعاليم دينهم، وفي حالة مزرية حتى أصبحوا أضحوكة وغثاء، وإن الذي يرى العدد الجم من المتسولين وفيهم الكثيرون من القادرين على العمل، بل من ذوي القوة والنشاط العظيمين يعجب لبقاء هذه الوصمة، إن العرب يرون سُبّة.
أن ينتظر الإنسان الصدقات، ويبقى عاطلا مع اقتداره على الكسب، وإن من المؤلم أن تبقى هذه الرواسب على مرأى ومسمع من الجميع، لا تعالج المشكلة علاجا حاسما، فنريد أن نرى من العلماء قياما بواجبهم في ذلك، فيبينوا ما في العمل الشريف من مصالح، وما في التسول من مصائب، ويذكروا النصوص من القرآن والحديث وأقوال العلماء، ونريد من السلطات المسؤولة أن تنفذ، وأن تعالج بما لها من السلطان، وقوة الحكم، ونتمنى أن تزول وسمة التبطل من المجتمع نهائيا، فإننا أحق من يقضي على هذه المساوئ، ومن المحزن أن نجد من يشجع هذه الأشياء بفعله، بل إن هناك ما لا يكاد يصدقه المرء، الذين يتجولون في الأسواق ويقرعون الأبواب ليناولوا الناس الصدقات، لا فرق بين غني وفقير، هل هذا هو حكم الإسلام في الزكاة؟
وهل فكر الذين يعملون هذا العمل، ويشجعون عليه أنهم يغرسون بذلك ذلة في النفوس، وحقارة في المتناول، وتحطيما لكرامة أمة يجب أن تقوى فيها روح العزة والطموح، بدل الذل والخمول، إن سبل الصدقات ومصارف الزكاة معلوم أمره في الإسلام، وهو في آية صريحة في القرآن، فما بال هؤلاء يسيرون على ذلك الخط المنحرف؟ ولمصلحة من يا ترى؟ وبأي تعليم أخذوا؟ ليس في الإسلام اتكالية ولا مجال فيه للمتعطلين الكسالى، أو المتعطلين بالوراثة، في الإسلام عمل، ومساواة، وتقدير للكفاءات، وهناك أعمال سيئة تنفي الفلاح عن فاعليها، وصفات تمنع أصحابها من الفلاح، ورأس ذلك الظلم، وأعظم الظلم الشرك، حيث قال تعالي في سورة الأنعام ” ومن أظلم ممن افتري علي الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون” وفي آية أخرى في سورة يونس “إنه لا يفلح المجرمون”
الدكروري يكتب عن الأموال وطرق الخير