الدكروري يكتب عن الإباحة والأفعال والعادات
الدكروري يكتب عن الإباحة والأفعال والعادات
بقلم / محمــــد الدكــــروري
إن الإباحة ليست متعلقة بالأعيان والذوات أي بمعني الأشياء والأشخاص بل تشمل الأفعال ما لم يأتي نص في تحريمها، ونستنبط من هذا أن هناك حكمة بالغة لا حدود لها من الأشياء التي أمرنا الله تعالى بها، وأن هناك حكمة بالغة لا حدود لها من الأشياء التي نهى الله تعالى عنها، وهناك حكمة بالغة لا حدود لها لا تقل عن حكمة المأمورات والمنهيات هى الأشياء التي سكت الله عنها، حكمة فى الذي أمر، وحكمة فى الذي نهى، وحكمة في الذي سكت، وأما عن النقطة الثانية أن قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة لا تتعلق بالأعيان بل تشمل الأفعال، مثلا أن تأكل لحما معينا، أو أن تشرب شرابا معينا أو أن تفعل فعلا معينا، صار هناك تعزية لا يوجد مانع إن ذهب الرجل وعزى أخاه.
أحيانا هناك عادات وتقاليد وتصرفات ليست متعلقة بالحلال والحرام مباحة، فالإباحة ليست متعلقة بالأعيان والذوات، تشمل الأفعال والعادات والتقاليد ما لم يأت نص في تحريمها، وإن العبادات لا يجوز أن تضيف عليها شيء، كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد” رواه البخارى ومسلم، أما لو أحدثت سلوكا اجتماعيا ولم تسمه عبادة ليس له علاقة لا بالحلال ولا بالحرام على قاعدة أن الأصل في الأشياء الإباحة، فإن العبادات أنشأها الشارع الحكيم فلا يستطيع إنسان أن يضيف عليها شيء، ولكن المعاملات أنشأها الإنسان، والشرع إما أنه أقرها، أو صححها.
أو عدلها، أو بدلها، وإن تصرفات العباد من الأفعال والأقوال نوعان، وهما عبادات وعادات، فإن العبادات الشرع الحكيم أنشأها أصلا ابتداء، إذا لا يجوز أن تضيف عليها لكن المعاملات أنشأها الإنسان، ورأى الشرع فيها أنه أقرها، أو عدلها، أو هذبها، أو صححها، وإن أصل الحلال والحرام في العبادات أن الله شرعها ابتداء، فقال بعض العلماء إن تصرفات العباد من الأفعال والأقوال نوعان، عبادات يصلح فيها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، لذلك أصل العبادات التوقيت، وأنها موقوتة على نص صحيح، وأصل العبادات التوقيت فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى، فقال الله عز وجل كما جاء فى سورة الشورى ” أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ”
وقال الله عز وجل كما جاء فى سورة يونس ” قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا ” وهكذا فإن أصل الحلال والحرام في العبادات أن الله شرعها ابتداء، بينما أصل المعاملات أن الناس ابتدؤوها، لكن الشرع صححها، أو أقرها، أو عدلها، أو بدلها، وقال بعض الصحابة الكرام عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” كنا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن” رواه مسلم، ومعنى كنا نعزل أى نعزل ماءنا عن رحم أزواجنا والقرآن ينزل فلو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه القرآن الكريم، فهذه قاعدة الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صحيح صريح في تحريمها، وإن التحليل والتحريم من حق الله سبحانه وتعالى وحده.
وأما عن القاعدة الثانية هى التحليل والتحريم من حق الله وحده، لا يستطيع إنسان كائنا من كان ولو كان نبى أن يحرم من عنده أو أن يحلل، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام” إن أتبع إلا ما يوحى إلى قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون” وقد قال بعضهم ثلاث نصائح تكتب، وهى اتبع لا تبتدع، واتضع لا ترتفع، والورع لا يتسع، وأن أول كلمة في الخلافة التي ألقاها الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه قال إنما أنا متبع ولست بمبتدع، فهذا مؤمن كبير، أو صدّيق، أو صحابي جليل، أو تابعي جليل، أو فقيه كبير، فهو يكتشف الأحكام ولا يأتي بالأحكام من عنده، وهو يكتشف، ويستنبط.