اخبار مصر

الدكروري يكتب عن الإعتكاف أسرار ودروس

الدكروري يكتب عن الإعتكاف أسرار ودروس

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن الإعتكاف أسرار ودروس

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن فضائل العشر الاخيرة من شهر رمضان، وعن الإعتكاف فيها، وإنه عجيب هذا الاعتكاف في أسراره ودروسه، فإن المعتكف ذكرُ الله أنيسه، والقرآن جليسه، والصلاة راحته، ومناجاة الحبيب متعته، والدعاء والتضرع لذته، فإذا أوى الناس إلى بيوتهم وأهليهم، ورجعوا إلى أموالهم وأولادهم لازم هذا المعتكف بيت ربه وحبس من أجله نفسه، ويقف عند أعتابه يرجو رحمته ويخشى عذابه، لا يطلق لسانه فى لغو، ولا يفتح عينه لفحش، ولا تتصنت أذنه لبذاء، سلم من الغيبة والنميمة، جانب التنابز بالألقاب والقدح في الأعراض، استغنى عن الناس وانقطع عن الأطماع، علم واستيقن أن رضا الناس غاية لا تدرك، فإن فى درس الاعتكاف انصرف المتعبد إلى التفكير في زاد الرحيل. 

 

وأسباب السلامة، السلامة من فضول الكلام، وفضول النظر، وفضول المخالطة، وإن فى مدرسة الاعتكاف يتبين للعابد أن الوقت أغلى من الذهب، فلا يبذله في غير حق، ولا يشترى به ما ليس بحمد، يحفظه عن مجامع سيئة، بضاعتها الغيبة والنميمة، فإن أوقاتكم فاضلة تشغل بالدعاء والصلاة وقراءة القرآن وذكر الله وغيرها من العبادات، وتستغل فيها فرص الخير، وإن من أعظم ما يرجى فيها ويتحرى ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، فإنها ليلة خير من ألف شهر، خفي تعيينها اختبارا وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون، فمن حرص على شيء جدّ في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه، فإنها ليلة تجرى فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء. 

 

وشقاء الأشقياء، فإن فيها يفرق كل أمر حكيم، ولا يهلك على الله إلا هالك، فيا ليلة القدر للعابدين اشهدى، ويا أقدام القانتين اركعى لربك واسجدى، ويا ألسنة السائلين جدى فى المسألة واجتهدى، فإن أيامكم هذه أعظم الأيام فضلا، وأكثرها أجرا، تصفو فيها لذيذ المناجاة، وتسكب فيها غزير العبرات، كم لله فيها من عتيق من النار، وكم فيها من منقطع قد وصلته توبته، المغبون من انصرف عن طاعة الله، والمحروم من حرم رحمة الله، والمأسوف عليه من فاتته فرص الشهر وفرط فى فضل العشر وخاب رجاؤه في ليلة القدر، مغبون من لم يرفع يديه بدعوة، ولم تذرف عينه بدمعة، ولم يخشع قلبه لله لحظة، ويحه ثم ويحه أدرك الشهر، ألم يُحظ بمغفرة؟ ألم ينل رحمة؟ يا بؤسه، ألم تقل له عثرة؟ 

 

ساءت خليقته وأحاطت به خطيئته، قطع شهره فى البطالة وكأنه لم يبق للصلاح عنده موضع، ولا لحب الخير فى قلبه منزع، فقد طال رقاده حين قام الناس، هذا والله غاية الإفلاس، عصى رب العالمين واتبع غير سبيل المؤمنين، أمر بالصلاة فضيعها، ووجبت عليه الزكاة فانتقصها ومنعها، دعته دواعى الخير فأعرض عنها، مسؤولياته قصّر فيها، وقصّر فيمن تحت يديه من بنين وبنات، يفرط فى مسؤولياته وقد علم أن من سُنة نبينا أنه يوقظ أهله، أما هذا فقد اشتغل بالملهيات وقطع أوقاته في الجلبة فى الأسواق والتعرض للفتن، فاتقوا الله وقوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة، فإن الشقي من حرم رحمة الله. 

الدكروري يكتب عن الإعتكاف أسرار ودروس

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار