دنيا ودين

الدكروري يكتب عن الإنسان ومحاسبة النفس

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن الإنسان ومحاسبة النفس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ينبغي علي الإنسان أن يحاسب نفسة أول بأول، وإن مما يعين الإنسان على محاسبة نفسه معرفته أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح غدا إذا صار الحساب إلى غيره، وكلما أهملها اليوم اشتد عليه الحساب غدا فيقول تعالى فى سورة الشعراء” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم” فحق على العاقل الحازم حق على المؤمن بالله واليوم الآخر ألا يغفل عن محاسبة نفسه بحركاتها وسكناتها وخطواتها وخطراتها، وإنما يظهر التغابن بين من حاسب نفسه اليوم، وبين من أهملها، إنما يظهر ذلك يوم التغابن يوم القيامة، فينبغي أن تكون محاسبة النفس منهجا للمسلم في حياته ممتثلا أمر ربه في قوله تعالى ” ولتنظر نفس ما قدمت لغد” فيحاسبها فينظر إلى وجوه التقصير عنده فيحرص على تلافيها.

وينبغي أن يعقب هذه المحاسبة ما يسميه السلف الصالح بمشارطة النفس، ويسميه بعض الناس اليوم لغة العصر التخطيط للوقت، فمثلا رجل حاسب نفسه فوجد أن من وجوه التقصير عنده أنه لا يصلى بعض الصلوات مع الجماعة فى المسجد فيشارط نفسه من الغد، بل يشارط نفسه من الآن على ألا تفوته الصلاة مع الجماعة في المسجد، ويتخذ الوسائل المعينة لذلك، وهكذا إذا كان الإنسان على جانب من المحاسبة والمشارطة للنفس فإن النفس تزكو، وإذا زكت أفلحت، فقال تعالى ” قد أفلح من زكاها” وأما عندما تنعدم المحاسبة، ويمر على الإنسان الليالى والأيام والشهور والأعوام والمواسم تلو المواسم، وهو يعيش في غفلة لم يحاسب نفسه يوما، فإنه سيتفاجئ بساعة النقلة من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة.

وسيتفاجئ بتلك الساعة ويندم حين لا ينفع الندم، وهنا يقول تعالى ” وقد خاب من دساها” وهذا هو الذى قد خاب حقا عندما يغفل عن محاسبة النفس، وتقوده النفس إلى الهوى، فيندم عندما يلقى الله عز وجل، ولا بد من لقاء الله سبحانه مهما كدح الإنسان في هذه الحياة، فيقول تعالى فى سورة الإنشقاق” يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه” فمن عُنى بمحاسبة النفس فسيُسر ويغتبط عندما يلقى الله تعالى، أما من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى، فإنه سيندم حين لا ينفع الندم، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم “حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات” رواه مسلم، فطريق الجنة محفوف بالمكاره، فالنفس بطبعها تميل عن هذا الطريق، فتحتاج إلى نهى حتى تسلك هذا الطريق الموصل للفلاح.

وأما طريق النار فإنه محفوف بالشهوات، فالنفس بطبعها تميل إليه، فتحتاج إلى نهى حتى تترك هذا الطريق المؤدية إلى الخسران، فإن الهوى هو طريق النار المحفوف بالشهوات، فالنفس بطبيعتها تميل إليه فمن نهاها وخاف مقام ربه، فإن الجنة هي المأوى، أما من أطلق لنفسه عنان ولم ينهها فإن النفس تقوده إلى الردى، وإن سياسة النفس عجيبة، وتحتاج إلى أن يكون لدى المسلم فهم وفقه لهذه السياسة، فالنفس تميل للهوى لكنها كالدابة الجموح التي تريد أن تنطلق براكبها من غير زمام، ولكن إذا أمسك الراكب بزمامها وسار بها إلى الطريق الموصل وصل، أما إن ترك هذه الدابة تسير به من غير أخذ بزمامها فسيجد نفسه في النهاية قد شردت به هذه الدابة وأضاع الطريق.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار