منوعات

الدكروري يكتب عن الإيمان باليوم الآخر والبعث والنشور

الدكروري يكتب عن الإيمان باليوم الآخر والبعث والنشور

بقلم/ محمـــد الدكــــروري

 

لقد كان الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه مولى لبني مخزوم، فأسلم هو وأبوه وأمه، فكان المشركون وعلى رأسهم أبو جهل يخرجونهم إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء فيعذبونهم بحرها‏، ومر بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون فقال‏ ” صبرا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة‏” فمات ياسر في العذاب، وطعن أبو جهل سمية بن خياط وهي أم عمار في قبلها بحربة فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام، وهي سمية بنت خياط مولاة أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكانت عجوزا كبيرة ضعيفة‏، وشددوا العذاب على عمار بالحر تارة، وبوضع الصخر الأحمر على صدره أخرى، وبغطه في الماء حتى كان يفقد وعيه‏،‏ وقالوا له‏ لا نتركك حتى تسب محمدا، أو تقول في اللات والعزى خيرا، فوافقهم على ذلك مكرها، وجاء باكيا معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏ مخبرا له ذلك.

 

فأنزل الله تعالي قوله كما جاء في سورة النحل ” من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان” فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله، ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا، دخولي تحت قولك ياعبادي وأن أرسلت أحمد لي نبيا، وللإيمان باليوم الآخر والبعث والنشور أثر في السعادة ويحيي في نفوس المؤمنين معاني الصبر والاحتساب والرضا والعفو والبذل في سبيل الله عز وجل فالمؤمن يعلم أن الدنيا دار بلاء وليست دارا للجزاء أو النعيم، فإذا أصيب ببلاء فإنه يتعزى بالصبر والاحتساب لعلمه أن الله عز وجل يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، فيرضى بثواب الله ويسلم لقضائه الله، فهو في خير دائم كما يقول النبى صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له

 

وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك إلا للمؤمن ” رواه مسلم، فإن الله خلق الخلق وقسمهم إلى فريقين فريق أهل الإيمان وفريق أهل الطغيان فيقول تعالى “فريق في الجنة وفريق في السعير” فمنهم شقي وسعيد، والسعادة مطلب البشرية جمعاء، والذي لا يأبه بها إما مغلوب على عقله، أو مغفل أحمق، وقد تخبط الناس وتحيروا في التماس طريق السعادة ففريق ظن أنها في المال وكثرته فسعى في جمعه ليل نهار، وآخرون توهموا أنها في طلب الشهوات وإشباع الغرائز الحيوانية، وهناك مَن سعى خلف الشهرة والجاه لتحصيل السعادة، والحق أن هؤلاء وهؤلاء طلبوا سعادة زائفة وتجارة خاسرة، وسعوا خلف خيال طيف وسحابة صيف، فيقول تعالى “كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب”

 

وإن أصحاب هذه المطالب في حقيقة الأمر لم يجنوا إلا الهم والغم والحزن والضنك، فالسعادة ليست بالمال فقارون أشقاه ماله، تكبر وعلو، وفي النهاية “فخسفنا به وبداره الأرض” وفي الآخرة يقول “ما أغنى عني مالية” ويقول النبى صلى الله عليه وسلم “تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ” رواه البخارى، والسعادة والشقاء إنما يقومان في القلب، والقلب لا يسعد إلا بالله عز وجل ومحبته وعبادته فيقول تعالى “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله “ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وفي القلب فقر وفاقة وحاجة واضطرار إلى الله عز وجل فمهما جمع العبد من الأموال، ولم يعرف ربه جل وعلا ولم يعبده بأمره ونهيه، فالضنك والشقاء نصيبه في الدنيا والآخرة، فيقول تعالى “فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار