منوعات

الدكروري يكتب عن الحياة البرزخية

الدكروري يكتب عن الحياة البرزخية

بقلم/ محمـــد الدكــــروري

 

إن الحياة البرزخية هي مرحلة طويلة بين الدنيا والآخرة، تستقر فيها أرواح الموتى، وهي عالم روحاني لا يقاس ما فيه على عالم الدنيا المادي، فلا تحكمه قوانين المكان والزمان والمادة، بل هو عالم آخر له أحواله وأسراره التي نجهلها أو نجهل معظمها، لكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، جلى لنا بعض أخبار ذلك العالم المجهول وأحواله، فعلينا الإيمان بذلك، والتسليم التام، ولهذا نسأل كيف تبدأ الحياة البرزخية؟ ويجب أن نتذكر قدرة ملَك الموت، فأجل الإنسان إذا جاء لم يمنع ملك الموت منه شيء، لا أمواله ولا سلطانه ولا جنده ولا حشمه، وتتركه الملائكة الحفظة الذين كانوا يحفظونه في حياته بأمر الله، فيقول تعالي ” له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله” أي يحفظونه بأمر الله فتتركه معقباته أيضا بأمر الله.

 

وتخلي بينه وبين ملك الموت ليقبض روحه، فقال الله عز وجل في سورة الأنعام ” وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتي إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون” وقال ابن عباس رضي الله عنهما “لملك الموت أعوان من الملائكة يخرجون الروح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم، فقال الله سبحانه وتعالي في سورة السجدة ” قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلي ربكم ترجعون” فالروح الآن قد بلغت الحلقوم استعدادا لمغادرة الجسد، وقد يكون الناس جلوسا حول هذا المحتضر إذا بلغت روحه الحلقوم، فيرى ما لا يرون، يرى الملائكة قادمة تقبض روحه والناس حوله لا يرونهم، فروح الملك تقبض من الأسفل من أصابع الرجلين إلى الأعلى، فإذا وصلت الروح الحلقوم غرغر المحتضر، وشخص بصره واتجه إلى فوق.

 

ولذلك لما أغمض النبي صلى الله عليه وسلم أبا سلمة بعد أن مات وشخص ببصره قال “إن الروح إذا قبض تبعه البصر” وقال الله عز وجل ” فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون” أى نحن أقرب إليه منكم بملائكتنا من أعوان ملك الموت ولكن لا تبصرونهم، وهنا تبدأ حياته البرزخية، أولا بطريقة خروج روحه، فيكون خروج الروح سهلا أو صعبا بحسب عمل الإنسان فخروج روح الرجل الصالح، وقال النبى صلى الله عليه وسلم “فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء” أي من فم الوعاء، وأما الرجل الفاجر فقال عن خروج روحه “فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول” والسفود هو عود من حديد ذو شعب معقفة يُشوى فيه اللحم، وفي ذلك إشارة لمشقة خروج روحه.

 

أو قيل إنها “كشجرة شوك أدخلت في جوف ابن آدم فأخذت كل شوكة بعرق منه، ثم جذبها رجل شديد القوى فقطع منها ما قطع وأبقى ما أبقى” ولقد جاء في القرآن بوضوح قوله عز وجل في سورة الأنعام ” ولو تري إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرحوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون علي الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون” والملائكة باسطو أيديهم، قال ابن كثير “أي بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم” ولهذا يقولون لهم” أخرجوا انفسكم” وذلك أن الكافر إذا احتضر بشّرته الملائكة بالعذاب والنكال، والأغلال والسلاسل، والجحيم والحميم، وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرق روحه في جسده، وتعصي وتأبى الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار