المقالات

الدكروري يكتب عن الرضاع المُحرم للزواج

الدكروري يكتب عن الرضاع المُحرم للزواج

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الرضاع المُحرم للزواج ما كان خلال الحولين الأولين من عمر الطفل، أما إذا كان بعد الحولين فلا اعتبار له، لأن الرضيع في هذه المدة يكون صغيرا، يكفيه اللبن، وبه ينبت لحمه، وينشز عظمه، فيصير جزءا من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها “يا عائشة، انظرن من إخوانكن فإن الرضاعة من المجاعة” وعن عبدالله ابن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام” قال مالك “ما كان من الرضاعة بعد الحولين، فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئا، وإنما هو بمنزلة الطعام”

وإن من حب الخير من الزوجة لزوجها هو ما روي وعن الزهري فقال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت يا رسول الله، انكح أختي بنت أبي سفيان، فقال صلى الله عليه وسلم “أوتحبين ذلك؟” فقلت نعم، لست لك بمُخلية، وأحب من شاركني في خير أختي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن ذلك لا يحل لي” قلت فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة، قال “بنت أم سلمة؟” قلت نعم، فقال “لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري، ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبه، فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن” وقال عروة، وثويبه مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر خيبة.

فقال له ماذا لقيت؟ فقال أبو لهب لم ألقي بعدكم خيرا، غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي ثويبة” وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، لكنه مخالف لظاهر القرآن، حيث قال الله تعالى في سورة الفرقان ” وقدمنا إلي ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا” وهذا يدل علي إثابة الكافر على بعض الأعمال تفضلا من الله تعالى، وهذا لا يحيله العقل، فإذا تقرر ذلك لم يكن عنق أبي لهب لثويبةَ قربة معتبرة، ويجوز أن يتفضل الله عليه بما شاء كما تفضل على أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم” وهذا يدل أيضا علي ثبوت حرمة الرضاع بين الرضيع والمرضعة، فإنها تصير بمنزلة أمه من الولادة، ويحرم عليه نكاحها أبدا، ويحل له النظر إليها والخلوة بها، والمسافرة معها، ولا يترتب عليه أحكام الأمومة من كل وجه.

فلا توارث ولا نفقةَ ولا عتق بذلك بالملك، ولا ترد شهادته لها، ولا يعقل عنها، ولا يسقط عنهما القصاص بقتلهما، ومن ذلك انتشار الحرمة بين المرضعة وأولاد الرضيع، وبين الرضيع وأولاد المرضعة، وحرمة الرضاع بين الرضيع وزوج المرضعة، ويصير الرضيع ولدا له، وأولاد الرجل إخوة الرضيع، وإخوة الرجل أعمام الرضيع، وأخواته عماته، ويكون أولاد الرضيع أولاد الرجل، وقد يعيش الكثير من الأزواج داخل بيت واحد حياة تعيسة وخالية من المشاعر والسعادة، ومن أسباب ذلك اختلاف وجهات النظر بين الزوجين الذي قد يقود إلى حدوث المشكلات بينهما، وعندما يفتقد أحدهما أو كلاهما فن الحديث، فتصبح لكل منهما حياة خاصة بعيدة كل البعد عن الآخر، ولا يجتمعان إلا عند الحديث عن الأبناء، بعد أن كانت أحلامهما في فترة الخطوبة التشارك في كل شيء واحترام رغبات بعضهما البعض والوقوف معا في كافة أمور الحياة.

الدكروري يكتب عن الرضاع المُحرم للزواج

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار