شريط الاخبار

الدكروري يكتب عن السرقة مرض وداء خبيث

الدكروري يكتب عن السرقة مرض وداء خبيث

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن السرقة مرض وداء خبيث، فهي مرض وشهوة، فيسرقون بسبب أنه لا يوجد تربية، ولا حفظ للأولاد، لم ينشأ الولد منذ صغره على العفة، ولا على إعادة الأشياء إلى أصحابها، فإنه لما سرق في الفصل الدراسي، ولما سرق قلما من زميله، ولما فتح حقيبته ما تابعه الأب، ولا تابعته الأم، وهكذا خرج السارق، خرج من البيوت، وإنها مسؤولية على الأولاد، والآباء والأبناء قبلهم، فهي مسئولية على الجميع، فإن حق الأفراد في أموالهم حق مقدس لا يحق لأحد أن يعتدي عليه لذلك حرّم الإسلام السرقة، وشدد في عقوبتها بقطع يد السارق، وفي ذلك حكمة بيّنة إذ إن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره، ليسلم الجسم، والتضحية بالجزء من أجل الكل مما اتفقت عليه الشرائع والعقول.

 

كما أن في قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بالسطو على أموال الناس، فلا يجرؤ أن يمد يده إليها، وبهذا تحفظ الأموال، وتصان حقوق الناس، والدول الأوروبية والغربية يزعمون أن حد السرقة في الإسلام لا يمكن تطبيقه لأنه لو طبّق لكانت تقطع في كل يوم آلاف الأيدي، وهذا اعتراف منهم من حيث لا يشعرون بأن مجتمعاتهم قد كثرت بين أفرادها جرائم السرقة، وهذا ما يصرحون به، وهذه الدول التي تسمي نفسها دولا علمانية لا تؤمن بالإسلام ولا بفكرة الآخرة، ولا تؤمن بأن هناك جنة ونارا وبعثا وحسابا بعد الممات، فهم بهذه النظرة والمبادئ قد أوجدوا ما يدفع أفراد شعوبهم إلى ارتكاب الجريمة والسرقة لأنه لا شيء يصلح النفوس ويكفها عن أن تعتدي على حق غيرها إلا الوازع الديني.

 

وحكام هذه الدول حين يطلبون من شعوبهم، أن يكونوا صالحين بهذه المبادئ غير الإسلامية، يكون حالهم كحال من قال فيه الشاعر ألقاه في البحر مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء، وإن الإسلام لا يقيم حد السرقة إلا بعد إقامة البينة القاطعة والتثبت من وقوعها، فقيل أن قوما من الكَلاعيين سُرق لهم متاع، فاتهموا ناسا من الحاكة، فأتوا النعمان بن بشير صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فحبسهم أى فحبس المتهمين أياما، ثم خلى سبيلهم وأطلق سراحهم، فأتوا فأتى الكَلاعيون، النعمان، فقالوا خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان؟ فقال النعمان إن شئتم أن أضربهم، فإن خرج متاعكم فذاك، وإلا أخذت من ظهوركم مثل ما أخذت من ظهورهم، أي إن شئتم عاقبتهم، لكن إذا تبين أن متاعكم ظهر عند غيرهم.

 

ولم يكونوا هم السارقين، لعاقبتكم مثل ما عاقبتهم، فقالوا هذا حكمُك؟ فقال هذا حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم” رواه أبو داود، وكذلك لا يقيم الإسلام حدّ السرقة إلا بعد إقامة المجتمع الإسلامي، وبعد أن يزيل كل دافع إليها، فالدولة الإسلامية ملزمة في شرع الله أن تمكن كل فرد من أفراد الأمة بأن تجد له العمل المناسب الذي يكسب به قوته وقوت عياله، وبيت المال في الدولة الإسلامية مطالب بتكملة النفقات الضرورية إذا كان العمل وحده لا يكفي، فإذا كان الفرد عاجزا لمرض أو ضعف أو شيخوخة أو كان طفلا، فعند ذلك يتكفل بيت المال بجميع النفقات اللازمة للحياة الكريمة، فإذا حدث برغم هذا الاحتياط أن وجد جائع يسرق ليأكل، فقد سقط عنه الحد، وهو حد السرقة الذي هو قطع اليد.

 

لذلك أوقف الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عقوبةَ قطع يد السارق في عام الرمادة، وهو عام القحط والجوع الذي أصاب المسلمين لأنه توافر فيه دافع الحاجة إلى السرقة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار