الدكروري يكتب عن الصراع علي الخلافة بعد عثمان
الدكروري يكتب عن الصراع علي الخلافة بعد عثمان
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد كان الصراع قويا علي الخلافة بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، حيث اجتمع الناس حول بيت الإمام علي بن أبي طالب يطلبون أن أن يتقدم للخلافة حتي يبايعونه، حتي نزل الإمام على بن أبى طالب، على رغبة هؤلاء الناس الذين ضاقت بهم داره، وهم يتوسلون مستعطفين ومن لها غيرك با أبا الحسن ؟ اتق الله فينا الآن، وكان مالك الأشتر يفكر في هذا الأمر الطارئ مليّا، وهو الذي يعرف صاحبه عليّا كرم الله وجهه والمنطلق الذي يصدر عنه، إنه الذي لا تعدل الدنيا في عينيه عفطة عنز، أو جناح بعوضة ما لم يقم حقا أو يزهق باطلا، ولكن الرياح في هذه الأيام تجري بما لا تشتهي السفن فهذا طلحة والزبير يبايعان الإمام على بن أبى طالب، خليفة، ثم لا يلبثان أن يخرجا من المدينة.
لينضما إلى السيدة عائشة رضى الله عنها في وقعة الجمل، وهذا هو معاوية بن أبى سفيان الرابض في الشام واليا منذ عشرين عاما، يرفض أن تجتمع في بني هاشم النبوة والخلافة، وإذا أجمع المسلمون على ذلك، فشرط الإبقاء عليه واليا على الشام أولا، والاقتصاص من قتلة عثمان ثانيا، ويزفر الأشتر زفرة كاللهب، حقا إن الأجواء مدلهمة الجنبات، وتنذر بشر مستطير ويعزل الإمام على بن أبى طالب، معاويةَ بن أبى سفيان، فحرام إبقاؤه متحكما في رقاب المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولكن العزل شيء، والقدرة على تنفيذه شيء آخر، وتقوم السيدة عائشة رضى الله عنها فتجيّش الجيوش، ويأبى معاوية مبايعة الإمام على بن أبى طالب، ويمتنع بأهل الشام، وبالمال يصرفه ذات اليمين وذات الشمال.
وتقرع طبول الحرب فيعبّئ الإمام على بن أبى طالب، جنده، ويلاقي بهم جيوش أعدائه من أهل البصرة وغيرهم، وقد تقدمتهم السيدة عائشة رضى الله عنها على جمل، فكانت حرب الجمل، وينضم طلحة والزبير صاحبا الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى السيدة عائشة، ثم لا يلبث الزبير أن ينسحب من المعركة، وقد ذكره الإمام علي كرم الله وجهه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، للزبير في إحدى المناسبات ” ستقاتله يوما وأنت له ظالم” وتدور رحي المعركة فيهز مالك الأشتر لواء الإمام على بن أبى طالب، مدمدما الويل للناكثين، ويقتحم بمن خلفه قلب جيش العدو، وحول الجمل تتناثر أشلاء، وتسيل دماء ولا تمتد يد لتمسك بخطام الجمل إلا وتبتر، فتتناثر أكف ومعاصم تناثر أوراق الخريف في ريح عاصف.
ويرغي الجمل، ويُزبد، وعلى ظهره حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يحوطونها من كل اتجاه إحاطة السوار بالمعصم ويتقدم مالك، وينتهي إلى عبد الله بن الزبير، ابن إخت السيدة عائشة، فيضربه بالسيف على رأسه، ويضربه عبد الله ضربة خفيفة، ويعتنق كل منهما خصمه، آخذا بخناقه، فيسقطان إلى الأرض يعتركان ويصيح ابن الزبير اقتلوني ومالكا، واقتلوا مالكا معي، ويحمل أصحاب الإمام علي وعائشة فيخلصونهما، ولم يعلم أصحاب السيدة عائشة أن الذي فاتهم هو الأشتر، إذ بهذا اللقلب كانوا يعرفونه، ولو عرفوه أنه هو، لقتلوه.
الدكروري يكتب عن الصراع علي الخلافة بعد عثمان