المقالات

الدكروري يكتب عن العي و الجهل

الدكروري يكتب عن العي و الجهل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من الواجب علي الإنسان هو الاعتبار بأحوال السابقين، لنأخذ منهم العبرة والعظة وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم “إذا مررتم بديار الظالمين، فأسرعوا، ولا تدخلوها إلا باكين” ومن هذه الآثار يتبين لنا دعوة الله تبارك وتعالى إلى الاعتبار بالأقوام السابِقين الذين أصابتهم الغفلة حتى وصلوا إلى هذا الجزاء العظيم، ويخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه خرج مع جماعة من أصحابه في سفر، فأصاب واحد منهم حجرا فشج رأسه، ثم هذا الرجل سأل أصحابه عن الغسل ورأسه مشجوج يسيل دما، فقال أصحابه إنا لا نجد لك رخصة وأنت قادر على الماء، فاغتسل الرجل فمات، فلما رجع الصحابة إلى المدينة. 

 

أخبروا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكأني بالنبي صلى الله عليه وسلم، قد غضب غضبا شديدا حتى أنه قال “قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال” والعي هو الجهل، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فتواه في هذا الصحابي، وهو أن يعصب على رأسه وأن يتيمم، أو أن يغتسل، وأن لا يصيب الماء موطن الجرح والشج، وإن الجهل هو سبب في انتشار البدعة، وظهور قرون الظلام والظلم، وداء الأمة العضال هو الجهل بالله، والجهل بأحكام الله، والجهل هو داء الأمة، انظر اليوم كل الناس تتكلم بالدين تتكلم بالشرع، ما في أحد يقول احترم نفسي فليس هذا مكاني ولا مقامي. 

 

ما دام معه مال يستطيع أن يتكلم فيما يشاء، وفي شرع الله يتكلم بما يشاء، يحل ويحرم، ويقدم ويؤخر، وصدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الناس إنما يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا” رواه البخارى ومسلم، فاحرصوا على مجالس العلم والعلماء ولا تنقطعوا، واجعلوا بينكم وبين الدعاة والعلماء الصادقين من دعاة التوحيد والسنة، احرصوا عليهم، واجعلوا بينكم وبينهم جسورا دائما، فهؤلاء هم أعظم جسوركم إلى الجنة، وهم أعظم أبوابكم إلى الله، يعرفوكم مراضيه. 

 

ويجنبوكم مساخطه، ولقد فضل الإنسان على الحيوان بالعلم، فإن من الدواب من يأكل أكثر من بني أدم وإن منها من يتزوج وله أولاد أكثر من بني ادم وإن منها يعدو وفيه قوة أعظم من بني أدم فمتى خلى الإنسان من العلم كان على الحيوانية المحضة فلما أبى إبليس أن يسجد لآدم، وافتخر عليه بأصله، فذكر الله شرف آدم على إبليس فكل الشرف بالعلم وأعظم العلم هو الذي يعلمني ماذا يريد الله، وكيف أنجو من عذابه وسخطه، ولقد وردت في القرآن الكريم آيات عديدة للتحذير من مخاطر الجهل، ومنها قول الله سبحانه وتعالي ” وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” فلا يخفى على عاقل أن العلم أفضل مكتسب و أشرف منتسب. 

 

وأنفس ذخيرة تقتني، وأطيب ثمرة تجتني، به يتوصل إلى معرفة الحقائق، ويتوسل به إلى نيل رضى الخالق، وهو أفضل نتائج العقل وأعلاها وأكرم فروعه وأزكاها لا يضيع أبدا صاحبه، ولا يفتقر كاسبه، ولا يخيب مطالبه، ولا تنحط مراتبه وهو وسيلة لكل فضيلة وذريعة لكل شريعة، ونور زاهر لمن استضاء به، والعلم ترتاح به الأنفس إذ هو غدائها وتفرح به الأفئدة إذ هو قواها، وهو الدليل على الخير، وهو العون على المروءة، وهو الصاحب في الغربة والمؤنس في الخلوة، وهو الشرف في النسب، فقال الله تعالى ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى العلم والعلماء الربانيين.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار