المقالات

الدكروري يكتب عن المرض والأمانة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن حماية الدين والدفاع عن حياضه أمانه، وصيانة أرض الوطن المسلم وحماية ممتلكات المجتمع أمانة، فكل أمانة من هذه الأمانات تتحقق بإقامة مصلحتها ودرء مفسدتها وعدم خذلان الأمة فيها قوله تعالي كما جاء في سورة النساء ” إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما” وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوظائف أمانات، وطلب من ذوي القوى الإحسان فيها والتيقظ لها ونصح الضعفاء عن طلبها والتعرض لها، فقد سأله أبو ذر الغفاري رضي الله عنه أن يستعمله فضرب بيده على منكبه وقال صلى الله عليه وسلم “يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها” رواه مسلم، والقوة في هذا الحديث هي التي تعني حسن الإدارة الموصوفة بالحزم والحكمة والإجادة، إذ لا أحد يشك في إيمان أبي ذر رضي الله عنه وتقواه.

ومع ذلك وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ضعيف، ولذا فإن الوظائف كبيرها وصغيرها ليست وسيلة للترفع أو الترفه، فالحذر الحذر من انقلاب المفاهيم وعدم التمييز بين الخائن والأمين فما زمننا هذا إلا ميدان ترامت فيه الأهواء وقلبت فيه الحقائق فستر على الخائن وضُيِّق على الأمين بسبب مفاهيم مغلوطة ومقدمات مضللة، ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال “والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يُخوَّن الأمين ويؤتمن الخائن” رواه البخاري ومسلم، وإن للناس مع المرض أحوال شتى فهم متفاوتون منهم المأجور ومنهم المأزور فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط” رواه ابن ماجه، ولذلك كان لأهل الإيمان مع المرض شأن آخر.

فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم، من أشد الناس بلاء؟ قال ” الأنبياء ” قيل ثم من؟ قال ” العلماء ” قيل ثم من ؟ قال ” الصالحون” وكان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله، ويبتلى احدهم بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء” وعن أبي سعيد رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركَه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة” وقال النبي صلى الله عليه وسلم “إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة” فإن الدنيا هي دار بلاء وأمراض ظل زائل ومتاع منتهي.

وما من إنسان في هذه الدنيا إلا ولابد أن يواجه فيها مرض وعافية وسرور وفرح وحزن وسراء وضراء كل هذا لماذا، وكثيرا من الناس قد يواجه المرض لكنه ينسى الصبر عليه وينسى ما في المرض والبلايا من فوائد جمّة في الدنيا والأخرى، وإن الله تعالى لم يخلق شيئا إلا وفيه نعمة ولولا أن الله خلق العذاب والألم لما عرف المتنعمون قدر نعمة الله عليهم، وإننا نعيش في عصر وزمان كثرة أمراضه وأسقامه، أدواء وأمراض انتشرت في الناس انتشار النار في يابس الحطب، أدواء وأسقام لا يكاد يسلم منها أحد إلا من رحم الله، فهيهات أن ترى لذة لا يشوبها ألم، أو صحة لا يكدرها سقم، أو سرورا لا ينغصه حزن، أو راحة لا يخالطها تعب، أو اجتماعا يعقبه افتراق، أو أمانا لا يلحقه خوف.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار