منوعات

الدكروري يكتب عن النتاج الصالح من النفس البشرية

الدكروري يكتب عن النتاج الصالح من النفس البشرية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

عليكم بالأخلاق المجتمعية، فإنه يحظى المجتمع الذي يتحلى أبناؤه بالأخلاق باحترام المجتمعات الأخرى، لأنه مجتمع لا يصدر منه الأذى ولا الضرر، ولا يربي أشخاصا يسببون الأذى والظلم لغيرهم، لذا فإن كل مجتمع يعزز الأخلاق فيه يشع نفسه في مكانة مرموقة بين باقي المجتمعات، ويكون أفراده محط احترام الجميع، وهذا بحد ذاته من أطيب الآثار التي تسببها الأخلاق في المجتمعات، وكذلك فإن الأخلاق الحميدة هي النتاج الصالح من النفس البشرية وسلوك الإنسان، لها تأثير على الفرد وأسرته ومجتمعه، حيث إن الأخلاق ترفع من شأن الإنسان في الدنيا والآخرة، وتعمل على تنشئة أسرة بنفسية سليمة، وتزيد من تكافل وتعاون وإنتاجية المجتمع واحترام المجتمعات الأخرى له، فإن الأخلاق عالم متكامل من القيم والمبادئ والمنظومات القيمية التي تميز الشعوب والأمم. 

 

وهذه القيم والأخلاق وكما تبين عند الحديث عن أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام ترفع الأمم أو تهدمها، وتؤثر على الشعوب وأحوالها، وأيضا يمكن القول إن الخلق الحسن أو السيئ لا بد أن يكون ذا أثر على الفرد نفسه الذي يتحلى بهذه الأخلاق ويتسم بها، فكلما ارتقى الإنسان بأخلاقه وقيمه ومبادئه، وامتثل لأصول الدين وما يرتبط بها من خلق حسن، واتخذ من القرآن، وهو النور المبين وهو الهدى إلى الطريق المستقيم، منهجا له في حياته كلما ارتقت أخلاقه، وقوي إيمانه، وابتعد عن الشهوات وكل ما يغضب الله تعالى ويخالف الشريعة والسنة النبوية، وكلما اقترب الإنسان من الأخلاق الحسنة وامتثل لها كلما ازداد جمالا، جمالا في روحه وفي تعامله وفي تفكيره، وكلما ابتعد عن مكارم الأخلاق وفضائلها كلما كان واهيا وضعيفا وقبيحا في نظر نفسه أولا وفي نظر من حوله ثانيا. 

 

ولما كانت الأخلاق الحسنة التي نادى بها الإسلام، ودعا إليها القرآن، ووصى بها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ذات أثر على الفرد، فهي أولى أن تكون أيضا ذات أثر أكبر على المجتمعات والشعوب وبنيانها وتقدمها وتطورها، فكلما ارتقت أخلاق الأمم، وارتفعت منظوماتها القيمية كلما ازدادت قوة ومنعة ورفعة، وكلما انحطت هذه القيم والمبادئ كلما انحدرت الأمم وتراجعت، وهذا الأثر للأخلاق لا يقتصر على الأمة التي تتسم بحفاظها على الأخلاق، وإنما ينتقل إلى الأجيال القادمة التي سترث هذا المجد العظيم، والإرث الرفيع، إضافة إلى أن هذه الأخلاق الحسنة تصون شرف الأمة وعزتها، ولعل ما ورد من دور وأثر كبيرين للأخلاق على الفرد وعلى المجتمعات، يبين أن أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام تحتاج مجلدات، ومجلدات للحديث عنها وعن مكانتها ودورها العظيم. 

 

في إعمار الأمم وإعلاء الهمم، وإنه من الجيد والجميل والمستحب في الدين الإسلامي أن يكون الإنسان صاحب خلق عظيم ورفيع وحسن، ولكن الأعظم والأفضل والأقوى هو أن يثبت الإنسان على هذا الخلق ولا يتراجع عنه مهما تغيرت الظروف والأحوال، ومما هو جدير بالذكر في هذا المقام أن الأخلاق في الإسلام هي ليست لونا من الترف يمكن للإنسان المسلم الاستغناء عنه عند اختلاف البيئة، كما أنها ليست ثوبا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء، إنما هي ثوابت شأنها شأن الأفلاك والمدارات التي تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان لأنها الفطرة السليمة التي فطر الله تعالى عليها كل الناس، وهنا تكمن القوة الحقيقة في الإيمان أن يثبت الإنسان على موقفه وأخلاقه وقيمه ولا يتراخى فيها البتة، ولعل هذا ما يزيد من أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار