المقالات

الدكروري يكتب عن تلك الدار الآخرة

بقلم/ محمـــد الدكــــروري

لقد شرعت المصافحة عند اللقاء واستن السلام بين البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم وثقافاتهم كي تستمر الألفة، ويستمر التعايش بين البشر بسلام وأمان واطمئنان، فإن إفشاء السلام يولد المحبة والألفة، ويرتكز على التسامح الفطري، وينشر شذاه نديا عطرا طيبا لكن للأسف الشديد نرى بعض الأشخاص لا يعرفون هذا المصطلح وقيمته الاجتماعية والنفسية، وآثاره السلبية، وإن الدنيا فانية، فهي أيام معدوده، وأنفاس محسوبة، ولننظر جميعا عندما حضرة الوفاة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه قال لبنيه يا بني إني قد تركت لكم خيرا كثيرا، لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقا، يا بني إني قد خيرت بين أمرين، إما أن تستغنوا وأدخل النار, أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي, قوموا عصمكم الله.

قوموا رزقكم الله، قوموا عني، فإني أرى خلقا ما يزدادون إلا كثرة, ما هم بجن ولا إنس، قال مسلمة فقمنا وتركناه, وتنحينا عنه, وسمعنا قائلا يقول ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين” ثم خفت الصوت, فقمنا فدخلنا, فإذا هو ميت مغمض مسجى، فأين ملوك الأرض، ورؤساء التراب، وساسة العنصرية، عن عدل عمر بن عبد العزيز، ولي من أولياء الله تعالى، ترك الدنيا واشترى الآخرة، لم يهتم بجمع الأموال ونهب الخزائن، لم يترك طبقة غنية، وأخرى فقيرة، بل أقبل على الله خائفا وجلا من يوم التلاق فأكرمه ربه بالثبات يوم الممات، فقال تعالى ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم “

وحينما حضر المأمون الموت قال أنزلوني من على السرير، فأنزلوه على الأرض، فوضع خده على التراب وقال يا من لا يزول ملكه، ارحم من زال ملكه، فأين أصحاب المعاصي ومقترفوا الذنوب، ومرتكبوا الآثام عن تذكر الموت، الذي قطع كل لذة في هذه الحياة الدنيا، الموت الذي لا يفر منه مطلوب، ولو أغلق الحواجز، ووضع الجنود، فقال الله تعالى ” أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ” وحين سألوا المسيح عليه السلام كيف نعرف المؤمنين؟ قال من ثمارهم تعرفونهم، أيثمر الشوك عنبا، أو العليق تينا؟ فلم يكن النظام الاجتماعي الذي وضعه الإسلام لتحيا به المجتمعات كلها على اختلاف أزمنتها وأمكنتها، لم يكن هذا النظام الاجتماعي اليوم نظاما عقليا بحتا، أو نظاما عقليا تمده عاطفة الإيمان فحسب، فإنه مع كونه نظاما عقليا راشدا يغذيه القلب المؤمن.

والفطرة الصحيحة التي فطر الله تعالى عليها الإنسان، مع كل هذا فإنه نظام مجرّب، صنع حضارة عريقة، ثم كان هذا النظام في ذاته حضارة كبيرة في المجتمعات المسلمة، والمعنية به كنظام شامل يربط بين أفراد المجتمع الواحد، فيجعلهم وحدة واحدة تشيد حضارة واحدة، فالنظام الاجتماعي الإسلامي نظام معتدل، لا يخالف الفطرة، ويرتضيه العقل البشري، ثم يغذيه القلب المؤمن، فيكون في النهاية نظاما حيا، وحضارة واحدة، ثم يثمر أو يصنع حضارات مادية ومعنوية، ولأن النظام الاجتماعي في كل أمة هو لبنة وجودها الأولى، وهو كذلك أساس بنائها الحضاري فقد اعتنى الإسلام بالنظام الاجتماعي، وجعل مفرداته عبادات يتقرب بها المسلم إلى الله كالصلاة والزكاة والصوم والحج، بل وجاء الحث عليها أعظم من الحث على العبادات.

الدكروري يكتب عن تلك الدار الآخرة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار