منوعات

الدكروري يكتب عن جزء من شريعة الإسلام

الدكروري يكتب عن جزء من شريعة الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد اعتبر القرآن الكريم أن ارتكاب المعاصي والذنوب واقتراف الآثام ظلما للنفس وله انعكاسات سلبية على الذين يرتكبونه، فبينما الروح متصلة بقوانين الطبيعة نظرا لارتباطها بالله عز وجل، فإن الأمور المادية ترك للإنسان حرية التعاطي معها، فالقرب من الله سبحانه وتعالى والالتزام بأوامره يؤديان إلى استقرار الشخصية، ويمنعان وقوع الشر الاجتماعي، وقيل قديما أن اتباع الهوى يفرق كما أن الحب والإخاء يجمع وإن الاتحاد قوة، والتفرق وهن وضعف، وإن سبيل الله واحد، وسبل الشيطان متفرقة، فمن تبعها فقد ضل وغوى وهوى، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله ” لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه.

 

وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه، فتقوى الله توجب له محبة الله، وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته، فمراعاة المشاعر وجبر الخواطر جزء من شريعة الإسلام، وعبادة نتقرب بها إلى الرحمن، فصاحب النفس العظيمة، والقلب الرحيم، رؤوف بإخوانه، رفيق بهم، يجتهد لهم في النصح، ويحب لهم الخير كما يحبه لنفسه، ولا يحمل في صدره غلا لهم، ويتجاوز عن هفواتهم، ويلتمس الأعذار لأخطائهم، ويجبر خواطرهم، ويطيب نفوسهم، وأما صاحب اللفظ الجافي، والقلب القاسي فقد مضت سنة الله تعالى أن ينفر الناس منه، فلا يُقبل منه توجيه ولا دعوة، ولا تسمع منه نصيحة، ولا يرتاح له جليس، ولا يأنس به ونيس، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مه مه يعني اكفف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزرموه، دعوه” فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له “إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن” قال فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه” رواه مسلم وزاد في صحيح البخاري، أن ذلك الأعرابي قال وهو في الصلاة “اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا” فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له “لقد حجّرت واسعا” يريد رحمة الله.

 

فيحتاج الناس دائما إلى كلمة حانية، ومواساة كريمة، وذلك لكثرة حوادث الدنيا، وهؤلاء المنكسرين من الفقراء، والأرامل، والأيتام، تطييب خاطرهم، وجبر مصابهم، والإحسان إليهم بالكلمة الطيبة، وتقديم المال، وكذلك زكاة الجاه، والسعي في قضاء الحاجات، إنه خطب عظيم، وأمر جسيم، وباب للأجر كبير، كان لأبي بزرة جفنة أي قصعة، من ثريد غدوة، وجفنة عشية، لمن؟ للأرامل، واليتامى، والمساكين، وكان صاحب المغرب المنصور يجمع الأيتام في العام، فيأمر للصبي بدينار، وثوب، ورغيف، ورمانة، والقاضي محمد بن علي المروزي، عُرف بالخياط لأنه كان يخيط بالليل للأيتام والمساكين، ويعدها صدقة، فإن أصحاب المصاب يحتاجون إلى تخفيف المعاناة بالكلمة الطيبة، بالفعل الحسن.

 

وحينما صُلب عبد الله بن الزبير قيل لابن عمر إن أسماء في ناحية المسجد، وهى أمه، والحجاج مثل بالجثة، فما كان منه عندما سمع ذلك إلا أن ذهب إليها مسرعا، ويطيب نفسها على ابنها، فيقول لها إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاتقي الله واصبري، وهكذا عروة بن الزبير رجع من سفر، وقد مات ولده بالعين، وقطعت رجله بالغرغرينا، وقال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فسمع إبراهيم محمد بن طلحة بما حصل لعروة بن الزبير، فذهب إليه يواسيه، فقال والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضاءك، وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله، وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار