المقالات

الدكروري يكتب عن حب الذرية غريزة قوية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كان الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يضرب به المثل في طاعته لوالدته، فيقول هاجرت من زهران إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما نزلت في البيت ومعي أمي أخذت تسب رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال فغضبت، وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقلت يا رسول الله أمي تسبك، أسمعتني فيك ما أكره، فادعو الله لها، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه، وقال اللهم اهد أم أبي هرّ، اللهم اهد أم أبي هرّ قال أبو هريرة يا رسول الله وادعو الله أن يحببني وإياها إلى صالح المسلمين قال وحببهما إلى صالح عبادك، وعاد فوجدها تغتسل، وطرق عليها، وإذا بها تقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وعادت مهتدية إلى الله، لما كان ابنها بارا بها.

فإن هناك الوسائل العلمية ووسائل الإيضاح المختلفة للبحث عن طريق الهداية والرشاد مما يفرد له البحث في الآونة الأخيرة، وأصبحت علما من العلوم المستقلة، ويقاس مدى تقدم الناحية العلمية من مكان لآخر بالقدرة على استخدام الوسائل التعليمية بطريقة جيدة، وتطوير طريقة الشرح والتقويم، ولقد عني رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المنهج وتلك الطريقة، فكان يستخدم الرسم كوسيلة لتوضيح المعنى، فعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال “خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط خطا خارجا منه، وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذى فى الوسط من جانبه الذى في الوسط، فقال هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به، وهذا الذى خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار والأعراض.

هي الحوادث والنوائب المفاجئة، فإن أخطأ هذا نهشه هذا، وإن أخطأ هذا نهشه هذا، وإن أخطأه كلها أصابه الهرم” فسبحان مَن شملت قدرته كل مقدور، وجرت مشيئته في خلقه بتصريف الأمور، وتفرد بملكوت السموات والأرض يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، فلا ريب أن الإنسان مجبول على حب البقاء، إلا أنه يعلم أنه لا محالة هالك، وأنه لا بد لوجوده من أجل، هكذا اقتضت إرادة الله عزّت قدرته، وجلت حكمته أن يجعل في نفس الإنسان بعض العوض عن ذلك، فإنه يرى بقاءه مستمرا، وذكره لم ينقطع بذريته، فلا يندم على جهاده في معترك الحياة، ولا يأسف على مفارقة ما جمع من مال وعقار لعلمه أنه تركه لخلفه الذى هو جزء منه، فكأنه هو الذى يستمتع به.

وكأنه باقى لم يلحقه فناء، وهذا كله مسلم لدى جميع العقلاء، فالكل يحب الولد لأنه يرى فيه بقاء لذكره، ويوقن أنه خليفته في هذه الحياة، كما أن كل إنسان يشعر بالحاجة إلى مُعين مخلص، ومساعد أمين، يحمل عنه بعض متاعب الحياة، ويكون عُدته عند النوائب، وإذ إنه في الشدائد، ولا أحد أجدر من الولد في ثقة الوالدين، في هذا المعنى لذا كان حب الذرية غريزة قوية في الإنسان فقلب الأبوين مفطور على محبة الولد، والرحمة به، والشفقة عليه، والاهتمامِ بأمره، ولولا ذلك لانقرض النوع الإنسانى من الأرض، ولما صبر الأبوان على رعاية أولادهما، وإننا في هذه الأيام يجب علينا أن نحاسب أنفسنا، وأن نراجع إيماننا، لننظر هل محبتنا لأولادنا أشد وأعظم من محبتنا لله ولرسوله؟ إننا إذا كنا نتأثر بمحبتنا لأولادنا.

ونترك لهم الحبل على الغارب، فلا نأمرهم بطاعة الله، ولا ننهاهم عن معصية الله، نكون بعملنا هذا قد آثرنا محبةَ أولادنا على محبة ربنا ومحبة رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما يأمران به وينهيان عنه، فعليك أيها الأب أن تحاسب نفسك، وأن تراجع إيمانك، فعليك أن تتقي الله عز وجل في هؤلاء الأبناء، الذين لهم أمانة في عنقك، فإن كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فما الذي قمت به تجاه هؤلاء الرعية؟ فعليك أن تتقي الله وأن تحرص على استثمار أوقاتهم، فلا تتركهم يذهبون يمينا وشمالا، ويتسكعون في الطرقات، ويتلقفون ما يتلقفون من الأخلاق السيئة من هذا وذاك، إنها أمانة تبرّأت منها الجبال، وحملتها أنت أيها المسكين، إنك كنت ظلوما جهولا.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار