الدكروري يكتب عن حياة الإنسان
الدكروري يكتب عن حياة الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن أجسام الناس ما هي إلا آلات يجب إعمالها وعدم تعطيلها وإلا دمرها العجز والخور والشلل، وصارت إلى الموت البطئ والاسترخاء والصدأ، وتحولت إلى أداة تعويق للحياة الاجتماعية ونموها، بدلا من أن تكون أداة قوة ونماء وازدهار، وإن الوقت هو حياة الإنسان، فإذا أضاعه فإنما أضاع عمره، والوقت سريع الانقضاء محال الرجوع، وسيعلم الإنسان مدى نفاسته عند ساعة الاحتضار، وإن الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، فهو أغلى من الذهب والفضة ومن كل غالي وكريم، فما خسره الإنسان اليوم قد يعوّضه غدا، ولكن الوقت هو الثروة الوحيدة التي لا يمكن تعويضها، فما ضاع منه لن يعود، وإن أهل الجنة لن يتحسروا من الدنيا إلا على الوقت الذي مضى ولم يذكروا فيه اسم الله.
وأن الوقت هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان، وأن حفظه أصل كل خير، وضياعه منشأ كل شر، وإن الإنسان هو كائن اجتماعي بارع في استخدام طرق التواصل للتعبير عن حاجته وذاته وتبادل الأفكار والخبرات، ويعمل دوما على تنظيم هياكل اجتماعية بشكل معقد من خلال اشتراكه في جماعات متعاونة ومتنافسة، تبدأ من لحظة تأسيس العائلة وتنتهي بتشكيل الأمم، والإنسان هو الكائن الذي يظهر أسماء الله تعالى، ومن خلاله يتم استئناس الحقائق وإبصارها، وإن كانت مفردة الإنسان مأخوذة من النسيان، فهو يمثل أحد صفات الإنسان كما هو مذكور في الآية الكريمة “كل يوم هو فى شأن” أي أن الإنسان يستحيل أن يثبت على حالة أو شأن واحد، ويعرف الإنسان على أنه كائن بشري.
يتكون من طبيعتين، مادية وروحية، وهو أيضا خليفة الله تعالى فى الأرض، فهو المسؤول عن إصلاح الأرض وعمارتها، والسعي بجد في سبيل تطوير المجتمعات البشرية في كافة نواحي الحياة، وابتكار كل ما من شأنه تيسير سبل الحياة من خلال العمل في العديد من المهن كالتجارة والصناعة، وتعود كلمة الإنسان في أصلها عند العرب إلى معنى الظهور، فالإنس عكس الجن، وقد ذكر العرب معنى آخر للإنسان وهو النسيان، فكما ورد عن ابن عباس على لسان بن منظور “إنما سُمي الإنسان إنسانا، لأانه عُهد إليه فنسي” والإنسان كائن يتميز بعقله الذي هو مناط التكليف، وأساس المسؤولية والجزاء، أي أنه كائن عاقل، ويمر الإنسان فى حياته بعدة مراحل عمرية تبدأ من الطفولة وتنتهى بمرحلة الشيخوخة.
وتتخلل تلك الفترات مرحلة عمرية تدعى بالشباب، وتعرف بأنها الفترة الواقعة بين طفولة الإنسان وبلوغه، وفيها ينمو جسده وذهنه، وللشباب دور هام في بناء المجتمع، لما تتميز به المجتمعات الغنية بالشباب من طاقات تبني وتغير، وقد قيل قديما أن الطفولة قوة لا عقل لها وأن الشيخوخة حكمة لا قوة لها، والشباب يجمع الاثنين القوة والحكمة، وهم يعتبرون العنصر الفعال والأساسي للأمة، وتتميز مرحلة الشباب عند الإنسان بملامح عامة، وأبرزها هى العزيمة والإرادة القوية، والأحلام والطموحات، والنشاط والحيوية، والقوة، وحب الاستكشاف والمغامرة، ولقد تبوأ الشباب مكانة عظيمة فى الإسلام فى مجال بناء الأمة والرقى بحضارتها فى مختلف المجالات.
الأمر الذى جعل منهم قدوة لباقي أترابهم، حتى بعد انقضاء زمانهم، وخلد أسماءهم وإنجازاتهم إلى يومنا هذا، كدلالة على دور الشباب فى ازدهار وقوة مجتمعهم، وقد كان الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم أجمعين من حملوا راية الإسلام شبابا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن التنمية الشاملة من أهم مقومات الحياة البشرية في المجتمع ولقد اهتم الإسلام بعملية التنمية بجميع مجالاتها المعنوية والمادية والحسية والعقلية والعلمية والعملية، لأن الإسلام يريد أن يكون أفراده أصحاب قوة ونماء وازدهار في كل شأن من شئون الحياة، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” المؤمن القوى خير وأحب عن الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل، لو أنى فعلت كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان” رواه مسلم.