الدكروري يكتب عن دائرة المباحات والمحرمات
الدكروري يكتب عن دائرة المباحات والمحرمات
بقلم / محمــــد الدكــــروري
إن دائرة المباحات كبيرة جدا، وأن دائرة المحرمات صغيرة جدا، أى لو أخذنا نسبة المحرمات إلى نسبة المباحات لوجدنا أنها نسبة تكاد لا تذكر، وقد يسأل سائل لماذا خلق الله لحم الخنزير؟ ولماذا خلق الله التخمر؟ وهذا قانون كيميائى لماذا خلقه الله عز وجل؟ لأن الدنيا دار ابتلاء، لأن الدنيا في أصلها دار ابتلاء، فقال الله تعالى فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” فإن كنا مبتلين لأن الدنيا هي دار بلاء وامتحان، لذلك لابد من منهيات، ولابد من محرمات، فلو ألغيت المحرمات ألغى التكليف، وألغى حمل الأمانة، وألغى الثواب، وألغى العقاب، فلابد من أشياء محرمة لتمتحن في تركها، حيث أنه لا تظهر إرادة المؤمن في طاعة الله عز وجل إلا بترك المحرمات.
فلو تصورنا أن الله تعالى خلق كل شيء مباح إطلاقا للإنسان، فمن هو الطائع؟ ومن هو العاصى؟ ومن هو المستقيم؟ ومن هو المنحرف؟ ومن هو الصالح؟ ومن هو الفائز؟ وهكذا فلو ألغيت العبادة، ألغى التكليف، ألغيت الأمانة، ألغى الثواب، ألغى العقاب، ألغيت الجنة، فلابد من المحرمات، وأما عن حكمة وجود المحرمات فهى متعلقة بحكمة التكليف، وبحكمة الابتلاء، وبحكمة الامتحان، والدليل هو قول الله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة ” وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” فإذن بالواقع لحم الخنزير محرم، وإن مقابل هذا التحريم، كم من أنواع اللحم حلال أكله؟ مئات، وكذلك الخمر محرمة.
وإن مقابل هذا التحريم كم نوع من أنواع الشراب اللذيذة الطيبة الطاهرة محللة؟ فهى أنواع منوعة، ولذلك ورد في الحديث عن أبى الدرداء رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال” ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته” رواه البزار والحاكم، وهكذا فإن المباح لا يحتاج إلى دليل أما التحريم فيحتاج إلى دليل، لذلك المؤمن لا يحزن، كل شيء في الأصل مباح، وإذا قال إنسان هل يجوز أن ألبس على سبيل المثال شئ مصنوع في بلاد اليهود؟ فنقول له يجوز، فإذا قال لا يجوز، لقد صنعها الكفار، فنقول له أن هذا شيء مباح، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام.
وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا هذه الآية ” وما كان ربك نسيا” فالله عز وجل بين لنا الحلال والحرام في كتابه الكريم، فأنت لست مع إنسان يذكر وينسى، ولكن أنت مع خالق الأكوان، فالذى أمرك به هو الحلال، والذي نهاك عنه هو الحرام، وما سكت عنه فهو عفو، فيجوز أن نأكل على الطاولة يجوز، فإن المباح لا يحتاج إلى دليل، لماذا؟ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالمباح لا يحتاج إلى دليل، أما التحريم فيحتاج إلى دليل، لو كان الأصل كل شيء محرم صار المباح يحتاج إلى دليل، ولكن الأصل أن كل شيء مباح، فالحرام يحتاج إلى دليل، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
” ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، ثم تلا هذه الآية ” وما كان ربك نسيا” ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، فقال الله تعالى لهم اذبحوا بقرة، قالوا ما لونها؟ ما هي إن البقر تشابه علينا؟ ما زالوا يسألون عن صفات تفصيلية، في البقرة حتى ضيق عليهم، ذلك يعني أن الله حرم لحم الخنزير، وحرم الدم المسفوح، وحرم الميتة، لكن لم يتحدث عن الجبن ولا عن السمن إذا حلال، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله افترض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تقربوها، وترك أشياء غير نسيان رحمة لكم فلا تبحثوا عنها” رواه الطبرانى.