منوعات

الدكروري يكتب عن ذم التقليد الأعمي في الإسلام

الدكروري يكتب عن ذم التقليد الأعمي في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن هؤلاء الذين ورثوا عقائدهم وآراءهم عن آبائهم وأجدادهم، لا لشيء سوى أنهم آباؤهم وأجدادهم، وكأنهم يرون أن السبق الزمني يخلع على خطة السابقين وآرائهم في المعتقدات، وإفهامهم في النصوص قداسة الحق وسلطان البرهان، فالتزموها وتقيدوا بها، وسلبوا أنفسهم خاصة الإنسان خاصة البحث والنظر وفي هذا الشأن، وقد حكى عنهم الجمود على ما كان عليه سلفهم، فهم يرثون أفكارهم وآراءهم، كما يرثون عقارهم وأرضهم، وحكي عنهم اكتفاءهم بمعتقداتهم الموروثة، ووقوفهم بأنفسهم عندها، دون أن يتجهوا إلى الترقي والتدرج في العلم والعمل، ولا شك أن كلا الموقفين الجمود عند الموروث والاكتفاء به مصادم لما تقضي به طبيعة الكون وطبيعة كل حي من النمو والتوليد، والتناسل الفكري كالتناسل النباتي والحيواني والإنساني، كلاهما شأن لا بد منه في الحياة.

 

ولو وقَف التناسل الفكري، لارتطم الإنسان في حياته بكثرة ما تلد الطبيعيات التي هو منها، وعندئذ يعجز عن تدبير الحياة النامية التي لم يقدر لها النماء إلا خدمة له وسبيلا لخيره ونفعه، فيتحقق فشله في القيام بمهمة الخلافة الأرضية التي اختير لها، ووكلت إليه منذ القدم، فإن الجمود على آراء المتقدمين، وخططهم في العلم والمعرفة، وأسلوبهم في البحث والنظر جناية على الفطرة البشرية، وسلب لمزية العقل التي امتاز بها الإنسان، وإهدار لحجة الله على عباده، وتمسك بما لا وزن له عند الله، هذا وقد نشأ المسلمون في ظل ما قرره الإسلام، ودعا إليه القرآن، ففكروا وبحثوا وتعقلوا، وطلبوا البرهان، وأنكروا التقليد، وقد نشأ المسلمون في ظل ما قرره الإسلام، ودعا إليه القرآن، ففكروا وبحثوا وتعقلوا، وطلبوا البرهان، وأنكروا التقليد، فسادوا وسادت بهم الأمم.

 

ثم لأمر ما انقلبوا على رؤوسهم، وتعفنت أمعاؤهم، وتولدت في أدمغتهم حُمّى التقليد، فجهلوا أنفسهم، وجهلوا الكون، وجهلوا الحياة، وتفرقوا في دين الله، وكانوا شيعا، فأبطلوا حجة الله على خلقه، وصاروا حجة على دينه وشرعه، وزعموا أن لآبائهم عصمة تمنعهم من النظر في أقوالهم، وبذلك لبس الدين فيما بينهم أثوابا مختلفة الألوان، مختلفة النسج، وراجت عند الجميع البدع والخرافات، وعقدت على دين الله غبارا كثيفا، فنفر الناس منه، وأعرضوا عنه، واتهموه بالاضطراب بين حلال وحرام، وصحيح وفاسد، وقوي وضعيف، وأخذوا يتأهبون للخلاص، ناقمين على طوائف الدين مواقفهم من موروثاتهم التي جعلته في جانب، وحياة الناس في جانب آخر، ألا فليعلم هؤلاء جميعا أن صدر الحياة الذي يتسع كل يوم وكل ساعة أصبح غير قابل لضغط تضيق به رقعته.

 

ويرجع إلى أغلال الموروثات الأولى، فلينظروا في أي وضعٍ يكونون، وعلى أي منهجٍ يسيرون حتى يحفظوا لله شرعه، ويقيموا له دعوته، فهذا هو التكامل بين ما هو فطري، وما هو مكتسب بالعلم المجرد من الهوى، هو أكمل العقل وأتمه، فهذا الذي يوفقه الله للفهم الصحيح مع وجود الإيمان الفطرى الذي جُبلنا عليه، وبذلك قال ابن الجوزى رحمه الله أيضا فإن أعظم النعم على الإنسان العقل لأنه الآلة في معرفة الإله سبحانه والسبب الذي يتوصل به إلى تصديق الرسل فمثال الشرع الشمس، ومثال العقل العين، فإذا فتحت وكانت سليمة، رأت الشمس.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار