الدكروري يكتب عن سنن نبوية شريفة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الجمعه 20 اكتوبر
الحمد لله الأحد الواحد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وهو المستعان على ما نرى ونشاهد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد عظم البلاء وقلّ المساعد، وحسبنا الله ونعم الوكيل وقد عظم الخطب والكرب زائد، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أفضل أسوة وأكرم مجاهد، صلى الله عليه وعلى آله أولي المكارم والمحامد، وصحبه السادة الأماجد والتابعين ومن تبعهم بأحسن السبل وأصح العقائد، وسلم تسليما كثيرا، فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله فاتقوا الله رحمكم الله فالتقوى حياة في القلب، ويقين بالغيب وحالة في النفس تتبين منها اتجاهات الأعمال، وتتوجه بها المشاعر الباطنية والتصرفات الظاهرية، ويتصل بها العبد بربه سرا وعلانية فمن تأمّل خطوب الأيام استغنى عن خطب الأنام.
ومن سلك مسالك الاعتبار، أضاءت له مصابيح الإستبصار فتأملوا رحمكم الله في دروب المسير، وتذكروا أين المصير، وبادروا قبل هجوم الفاقرة، وشمّروا لعمل الآخرة، إن من الناس من يزن الأمور بعقله سواء فيما للعقل فيه مجال للنظر أو ليس له فيه مجال، وفي يوم من الأيام سُئل رجل فقيه عن حُكم إسبال الثياب للرجال فبين الحكم وذكر أن الإسبال على نوعين إن كان مجرد إسبال فهو كبيرة من كبائر الذنوب، وقد توعّد المسبل بوعيد شديد كما في صحيح مسلم، وإن كان للخيلاء فإنه بالإضافة إلى كونه كبيرة من كبائر الذنوب فإن الله لا ينظر إلى صاحبه يوم القيامة، وذكر الأدلة وكلام بعض أهل العلم في التفريق بينهما وفق قواعد أصول الفقه، وكان السائل سأل لحاجة في نفسه وظن أن الفقيه سيوافقه فيما يذهب إليه، فلما رآه خالفه تغيّر وجهه.
ثم بلغه فيما بعد أنه قال لبعض جلسائه ماذا هذا ؟ يعذبني الله على خرقة أي بعض الملابس؟ فهذا منطق أعوج، وهذا قياس بالعقل السقيم وليس السليم، يا هذا، هل يعذب الله المشرك لأجل أنه طاف حول شجرة أو حول حجر ؟ وهل يعذب الله من ذبح دجاجة لغير الله بقصد التقرب ؟ وهل وهل ؟ وعلى هذا قيس، ما هكذا تورد الإبل، وما هكذا تورد النصوص، فإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لم يكونوا يغضبون ذلك الغضب الشديد إلا عندما تعارض السنة بأقوال الرجال أو بالآراء، وإن كانت تلك الأقوال من أقوال كبار الصحابة رضي الله عنهم، وما ذلك إلا لتعظيمهم لأقوال النبي صلى الله عليه وسلم ولسنته عليه الصلاة والسلام، فقد رأى عبد الله بن المغفل رجلا من أصحابه يخذف فقال له لا تخذف.
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أو قال ينهى عن الخذف فإنه لا يصطاد به الصيد ولا ينكأ به العدو ولكنه يكسر السن ويفقأ العين ثم رآه بعد ذلك يخذف فقال له أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أو ينهى عن الخذف ثم أراك تخذف، لا أكلمك كلمة كذا وكذا” رواه البخاري ومسلم، وفي رواية للإمام مسلم أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين، قال فعاد، فقال أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ثم تخذف، لا أكلمك أبدا، نعم لا يرضون بمعارضة قول سيدهم وقدوتهم بل ويشتدون على المخالف.