المقالات

الدكروري يكتب عن طريق تعب فيه آدم

الدكروري يكتب عن طريق تعب فيه آدم

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن طريق تعب فيه آدم

إن طريق السعادة وعر يحتاج منك إلى مجاهدة وصبر وقد تعب فيه من قبلنا من الأنبياء والصالحين فالطريق ليس مفروشا بالورود وما أجمل وصف ابن القيم لهذا الطريق، حيث يقول الطريق طريق تعب فيه آدم وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضر أيوب وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا فإن السعادة مطلب جميع البشرية، ومقصد كل الناس، فالكل يرجوها، والكل يطلبها، والكل يسعى في نيلها وتحصيلها، والسعادة إنما هي في القلب، فهي أمر داخلي، لا يمكن لأحد أن يراه، ولا أن يمسكه، وهي لا تباع ولا تشترى.

 

وإنما هي هبة من الله يهبها لمن يشاء من عباده، فالسعادة نعمة من نعم الله تعالى على عبده، ولا تنال إلا بطاعته، فالسعادة الحقيقة في طاعة الله، والبعد عن معصيته، وهي سبب في الفوز الأبدي، فقال تعالى فى سورة آل عمران “فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” فإذا أراد الله بعبده السعادة في الدارين، يسر له في هذه الدار الهداية على الصراط المستقيم، واتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن يتقي الله ويراقبه في السر والعلانية، والغيب والشهادة، فبذلك يفوز ويسعد، فالسعادة بيد الله، ولا ينالها العبد إلا بطاعة الله تبارك وتعالى، ومهما بحث الإنسان عن سعادة نفسه في غير هذا السبيل، فلن يحصد إلا الشقاء والنكد.

 

والنصب والتعب وسوء الحال وضياع الأوقات في غير طائل، فليست السعادة في مال يجمعه الإنسان وإلا لسعد قارون، وليست السعادة في الوزارة والمنصب ولو كانت كذلك لسعد هامان وزير فرعون، وليست السعادة في لذة وشهوة يقضيها الإنسان، وإن من فضْل الله تعالى على عباده المؤمنين أن جعل لهم أسبابا للسعادة، يجتهد الإنسان في تحصيلها، فمن أراد أن يحقق السعادة في حياته فليلتزم بهذه الأسباب التي تحقق له السعادة والحياة الطيبة في دنياه وأخراه، فمن أسباب السعادة هو الإيمان والعمل الصالح، فالحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان والعمل الصالح وأما غيرهم حتى وإن تمتعوا بالملذات المحسوسة فإنهم في ضيق ونكد.

 

لأن مدار السعادة على القلب وراحته، ولهذا يذكر ابن القيم رحمه الله أنه سمع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة, وقال لي مرة يعني شيخ الإسلام وكان في محبسه ما يصنع أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري، إني رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو الإحسان إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده قال الإمام ابن القيم رحمه الله من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه.

 

ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو الإكثار من ذكر الله، فإن ذلك من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينة ‏القلب، وزوال همه وغمه، ومن الأسباب التي تتحقق بها السعادة هو حضور حلق الذكر، ومجالس العلم وتدارس القرآن حيث تتنزل على أصحابها الملائكة، وتغشاهم رحمة الله، وتغفر ذنوبهم، ويذكرهم الله تبارك وتعالى فيمن عنده، وتدعو لهم الكائنات مع الملائكة رضا بما يصنعون من طلب للعلم، ومشي في سبيله.

الدكروري يكتب عن طريق تعب فيه آدم

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار