منوعات

الدكروري يكتب عن طلب العلم والسعي إليه

الدكروري يكتب عن طلب العلم والسعي إليه

بقلم / محمــد الدكــروري

 

إن طلب العلم واجب علي كل إنسان وهو أمر سماوي من رب العالمين، وحث عليه نبينا المصطفي صلي الله عليه وسلم، وإن من أطرف ما يروى في طلب العلم ما ذكره الإمام الذهبي في السير عن ” محمد بن الفيض الغساني، سمعت هشام بن عمار، يقول باع أبي بيتا له بعشرين دينارا، وجهزني للحج فلما صرت إلى المدينة، أتيت مجلس مالك، ومعي مسائل أريد أن أسأله عنها فأتيته، وهو جالس في هيئة الملوك، وغلمان قيام، والناس يسألونه، وهو يجيبهم، فلما انقضى المجلس، قال لي بعض أصحاب الحديث سل عن ما معك؟ فقلت له يا أبا عبد الله، ما تقول في كذا وكذا؟ فقال حصلنا على الصبيان، يا غلام احمله، فحملني كما يحمل الصبي وأنا يومئذ غلام مدرك فضربني بدرة مثل درة المعلمين سبع عشرة درة، فوقفت أبكي فقال لي ما يبكيك؟ أوجعتك هذه الدرة؟

 

قلت إن أبي باع منزله، ووجه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني، وقال يعقوب بن إسحاق الهروي، عن صالح بن محمد الحافظ سمعت هشام بن عمار، يقول دخلت على مالك، فقلت له حدثني، فقال اقرأ، فقلت لا، بل حدثني، فقال اقرأ، فلما أكثرت عليه، قال يا غلام، تعالى اذهب بهذا، فاضربه خمسة عشر، فذهب بي فضربني خمس عشرة درة، ثم جاء بي إليه، فقال قد ضربته، فقلت له لم ظلمتني؟ ضربتني خمس عشرة درة بغير جرم، لا أجعلك في حل، فقال مالك فما كفارته؟ قلت كفارته أن تحدثني بخمسة عشر حديثا قال فحدثني بخمسة عشر حديثا، فقلت له زد من الضرب، وزد في الحديث، فضحك مالك، وقال اذهب ” ومن بديع ما يروى في طلب العلم أيضا ما حكاه أهل السير عن الإمام الأعمش رحمه الله ” قال عيسى بن يونس خرجنا في جنازة، ورجل يقوده.

 

فلما رجعنا عدل به فلما أصحر قال أتدري أين أنت؟ أنت في جبانة كذا ولا أردك حتى تملأ ألواحي حديثا، قال اكتب فلما ملأ الألواح رده، فلما دخل الكوفة دفع ألواحه لإنسان، فلما أن انتهى الأعمش إلى بابه، تعلق به وقال خذوا الألواح من الفاسق، فقال يا أبا محمد قد فات، فلما أيس منه، قال كل ما حدثتك به كذب، قال أنت أعلم بالله من أن تكذب ” وإن من فضائل العلم وبركاتة أن القرآن الكريم لم يقبل مجرد المقارنة بين أهل العلم وفاقديه على الإطلاق وعد ذلك قياسا مرفوضا، وبالعلم يُعبد الله على بصيرة وتقى ويقضى الناس في الدنيا مآربهم على ضياء من أحكام الشرع الكريم، وبالعلمِ يقيمون مراسيم حياتهم في زواج أو تجارة أو جيرة أو شراكة بحيث يعرف كل منهم ماله وما عليه، وقبل هذا كله فالعلم هو طريق المعرفة للاعتقاد في رب الأرباب سبحانه وتعالى.

 

ولاهتمام الإسلام بالعلم فقد جاءت أول آيات القرآن أمرا بالقراءة والتعلم، وأقسم الله تعالى بالقلم وهو من أدوات العلم وذلك لبيان فضله وعلو رتبته، ولفضل العلم وكرامته، فقد طلب سيدنا موسى عليه السلام من العبد الصالح صحبته لغرض التعلم، ولم يجعل كليم الله عليه السلام لنفسه في الطلب رتبة لما جعل نفسه تابعا وذلك التلطف مع نكران الذات لأجل التعلم، وأخبر الله تعالى أنه آتى كليمه موسى عليه السلام نور العلم، وزين الله تعالى به نبيه الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وأخبر في معرض المن بالفضل على نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا لم يؤمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة في شيء كالعلم، ولفضل العلم في حياة الخلق نجد أنه لا يحمله إلا كرام الناس وأهل الأمانة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار