المقالات

الدكروري يكتب عن عقوبات الركون إلى الدنيا

الدكروري يكتب عن عقوبات الركون إلى الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من العقوبات التي حلت بالأمة بسبب هذا الوهن والخوف والضعف والركون إلى الدنيا أن سلط على المسلمين عدوهم ينهب خيراتهم، ويعبث بأعراضهم، ويستحل محارمهم، بكل جرأة وقوة وإجرام، وأما المسلمون فقد أصيبوا بذل، وهوان، وخور في قلوبهم جزاء حبهم للدنيا، وتخليهم عن ما خلقوا من أجله فقال تعالى ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” ولو علم كثير من المسلمين حقيقة الحياة الدنيا بالنسبة لما أعد الله للكافرين والمسلمين في الآخرة لما ساوت الحياة في نظرهم شيئا يذكر، ولكن عظمت الدنيا في قلوب كثير منهم، وهانت الآخرة في نفوسهم، وهذا فيه شبه باليهود والمشركين والعياذ بالله، حيث قال الله تعالى عنهم فى سورة البقرة. 

 

” ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون” ومما ورد في ذم الدنيا ما روي عن سهل بن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها، فقال “أترون هذه هينة على صاحبها، فو الذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة أبدا” وكان يصفها بعض العلماء بقوله، جمة المصائب، رتقة المشارب، لا تفي لصاحب، وقال يحيي بن معاذ، الدنيا خمر الشيطان من شربها لم يفق إلا بين عساكر الموتى، نادما بين الخاسرين، قد ترك منها بغير ما جمع، وتعلق بحبل غرورها فانقطع. 

 

وقدم على من يحاسبه على الفتيل، والقطمير، والنقير، فيما انقرض عليه من الصغير والكبير، يوم تزل بالعصاة الأقدام، ويندم المسيء على ما قدم، وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” وفي حديث بشار “لينظر كيف تعملون” وقال عليه الصلاة والسلام “ألهاكم التكاثر” قال “يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت، أو أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت” فإن معرفة الدنيا لا تكفيك ما لم تعرف حقيقة الدنيا المذمومة ما هي؟ وما الذي ينبغي أن يجتنب منها وما الذي لا يجتنب؟ فلا بد وأن نبين الدنيا المذمومة المأمور باجتنابها. 

 

لكونها عدوة قاطعة لطريق الله عز وجل فنقول هي دنياك، وآخرتك عبارة عن حالتين من أحوال قلبك، فالقريب الداني منها يسمى دنيا، وهو كل ما قبل الموت، والمتراخي المتأخر يسمى آخره، وهو ما بعد الموت، فكل ما لك فيه حظ ونصيب، وغرض وشهوة، ولذة عاجل الحال، قبل الوفاة فهي الدنيا في حقك، إلا أن جميع مالك إليه ميل، وفيه نصيب وحظ، فليس مذموم بل هو ثلاثة أقسام، فالأول هو ما يصحبك في الآخرة، وتبقى معك ثمرته بعد الموت، وهو شيئان العلم والعمل فقط، والمراد بها ما يكون من علوم الشريعة والدين لا علوم الدنيا، والعمل ما أريد به التعبد لله كالصلاة، والحج، والصوم، والأكل، والشرب، وغيره، فهذا مطلوب لا يذم أبدا، وأما الثاني، ما هو عكس الأول. 

 

أي ما كانت لذته عاجلة قبل الموت من التلذذ بالمعاصي، والمنكرات، والخوض في مال الله بغير حق، وأكل أموال الناس، فهذا مذموم جدا، وأما الثالث وهو ما كان بينهما مما يعين على طاعة الله تعالى كالأكل، والشرب، واللباس بالاقتصاد، ومن طريقة الحلال فهذا يلحق بالقسم الأول لأنه من وسائله.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار