الدكروري يكتب عن قريش تمنع المسلمين من العمرة
الدكروري يكتب عن قريش تمنع المسلمين من العمرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن قريش تمنع المسلمين من العمرة
ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتب السيرة النبوية الكثير والكثير عن صلح الحديبية، وكان من ضمن شروط صلح الحديبية التي أحزنت المسلمين غير رد من جاء من مكة من المسلمين المستضعفين، منع الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة من الاعتمار في هذا العام، على أن يعودوا العام المقبل، فإذا كان العام القادم، خرجت قريش من مكة ثلاثة أيام، ثم يدخلها المسلمون، فيقيمون بها ثلاثة أيام ليس معهم إلا سلاح الراكب وهو السيوف في القرب، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لأحد من المهاجرين أن يصبر على فراق أهله ومسقط رأسه، وبلده التي ترعرع فيها، واشتم نسيمها، خالط دمه ريحها، وتخلدت ذكريات الحياة بطولها فيها.
فإنها ذكريات عميقة تبعث من النفس الشجون والأحزان، لذلك لم يكد العام يستدير حتى استعد الرسول صلى الله عليه وسلم، من معه للخروج إلى الاعتمار حسب بنود صلح الحديبية، وفي ذي القعدة في السنة السابعة من الهجرة خرج الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى مكة قاصدا العمرة، كما اتفق مع قريش في صلح الحديبية، فدعا بالمسلمين جميعا خاصة من شهد الحديبية لئن يخرج للعمرة، فكانت الاستجابة عجيبة وفريدة، حيث بلغ عدد من شهد عمرة القضاء ألفين سوى النساء والصبيان، ولم يتخلف من أهل الحديبية إلا من استشهد في خيبر أو مات قبل عمرة القضاء، وقد اتجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام من المدينة باتجاه مكة المكرمة في موكب مهيب.
يشق طريقه عبر القرى والبوادي، وكان كلما مر الموكب النبوي بمنازل قوم من الذين يسكنون على جانبي الطريق بين مكة والمدينة خرجوا وشاهدوا منظرا لم يألفوه من قبل، حيث المسلمون بزي واحد من الإحرام، وهم يرفعون أصواتهم بالتلبية، ويسوقون هديهم في علاماته وقلائده، في مظهر بهي، لم تشهد المنطقة له مثيلا، كان له أبعد الأثر في نفوس سكان البوادي والقبائل بين مكة والمدينة، ولقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، أكثر الناس استجابة لأمر الله ورسوله، فهم لم يتخلفوا عنه صلى الله عليه وسلم، في أي موطن، وما كان حزنهم يوما على دنيا يصيبونها أو غنائم يأخذونها، بل كان على الدين وشئونه، والآخرة وأمورها.
لذلك استحق كل من يؤذيهم ويخوض في أعراضهم اللعن والذم والإثم العظيم، وقال السهيلي، سميت عمرة القضاء لأنه قاضى فيها قريشا، لا لأنها قضاء عن العمرة التي صد عنها، لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها بل كانت عمرة تامة، ولهذا عدوا عُمر النبي صلى الله عليه وسلم، أربعا، وقال آخرون بل كانت قضاء عن العمرة الأولى، وعدت عمرة الحديبية في العمر لثبوت الأجر لا لأنها كملت، قال ابن هشام ويقال لها عمرة القصاص لأنهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في ذي القعدة في الشهر الحرام من سنة ست، فاقتص رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم، فدخل مكة في ذي القعدة في الشهر الحرام الذي صدوه فيه من سنة سبع، وعن ابن عباس أنه قال، فأنزل الله في ذلك فى سورة البقرة “والحرمات قصاص”